خمس سنوات من الغرق في السعادة والرفاهية ..!!
اسماء محمد مصطفى
خمس سنوات مرّت من عمر العراق واعمارنا ، منذ احتلاله.. خمس سنوات من الاحلام والتطلعات مرّت ، فتحقق لنا فيها الكثير الكثيرمن الاحلام الوردية والبنفسجية ، حتى بات الأنسان العراقي مصاباً بتخمة السعادة ، الأمر الذي يتطلب منه ان يقوم بتصدير سعادته الى الآخرين في أ ي دولة من دول العالم التي تدعي الرفاهية ، لترى بنفسها رفاهية تفوق رفاهيتها ..
كيف لا ، وقد تحقق للعراقي كل هذا .. إقرأوا معي هذه القائمة الوردية !! :
ـ استطاع المتوالون على تسنم مقاليد السلطة تحقيق حالة عجيبة غريبة من الأستقرار ، فأصبحت مدن العراق تسهر حتى الصباح ، والبيوت تفتح ابوابها حتى ساعات متأخرة من ليالٍ بالسَمَر مقضية !!
ـ وفي حالة لم يسبق لها نظير ، تنفس العراقيون نسيم الحرية ، فتحققت امنياتهم في ان يقولوا أي شيء يدور في اذهانهم وأن يقفزوا فرحين بحريتهم فوق اسلاكٍ شائكة او حواجز كونكريتية !!
ـ وشهدوا ديمقراطية مثالية ، وشاركوا باصابع بنفسجية .. حتى ان عدوى الديمقراطية قد تكون وصلت الى العلاقة بين المرأة والرجل ، إذ إنّ الزوج يمكن ان يتكلم بكل حرية وبلا خوف عن رغبته بالتعددية الزوجية ، لتشمل خارطته البيتية كل اطياف المجتمع النسوي ، وياويلها لو قالت له زوجته لا لن اسمح لك بإسم الدكتاتورية ، فإنه عنذاك يقول لها : هذا حقي في الديمقراطية !!
ـ وحيث إن الوطن يطفو على كنوز نفطية ، فقد دخلت مفردة حصة الفرد من النفط الوطني ضمن مفردات الحصة التموينية ، فأرتفع رصيد وزارة التجارة لدى الشعب العراقي على نحو منقطع النظير ، لكن لم ينافسها على عرش حب الشعب لها سوى وزارة النفط التي ساهمت في رفد كل بيت عراقي بحصته النفطية ، وكذلك أغرقت السوق ببراميل النفط واسطوانات الغاز وبأسعار تشجيعية ، حفظت جيوب الناس من الاحتراق بالوقود ، وبذا اصبحت ميزانية الاسرة محمية !!
ـ ومما تحقق على مستوى الوظيفة الحكومية انها صارت امتيازاً يتمنى الشباب الحصول عليه ، فأدنى راتب ( يملأ العين ) ، ولاوجود لفوارق شاسعة بين ادنى راتب واعلاه ، كلٌّ يحصل على استحقاقه وفقاً لسني خدمته الوظيفية و( تعبه ومجهوده وخبرته العملية ) .. حتى أن رصيد الفتاة الموظفة قد زاد في سوق الزواج ، فصارت الاكثر شعبية ، يتهافت عليها الخاطبون طالبين ودها علّها تنثر على طريقهم زهوراً وردية وأوراقاً نقدية !!
ـ ولابد من الاشادة بدور الدولة في السيطرة على اوضاع السوق ، فلم تسمح بحصول سباق ماراثوني بين الاسعار والرواتب ، لأنها تعرف أن ّ سباقات من هذا النوع تهزم فيها الرواتب ، عادة ، لذا زودت الرواتب بجرعات منشطة ، فهزمت الأسعار ، ولو بطرق منشطة غير شرعية !!
ـ وحقيقة ان حالة غير معهودة شهدها قطاع الاعمار والاسكان ، إذ زينت الصروح والمباني السكنية شوارع العراق وأحياءه فضلاً عن لوحات لونت الحواجز الكونكريتية ، واستراح العراقيون من ازمة أرّقتهم منذ سنوات طوال.. غير منسية !!
ـ كما انّ المدن والمناطق انفتح بعضها على البعض الآخر ، ولم يحصل مايريب من نزعات طائفية وتهجيرات وقتولات على الهوية .. حتى ان الدول الاخرى افتقدت الى العراقيين الذين لا يغادرون الوطن إلاً لأنفاق الفائض من اموالهم في جولات سياحية !!
ـ وأما البيت ، فهو جنة المواطن ، إذ يعود من عمله مشتاقاً للبيت ولتوفر كل اسباب الراحة فيه ، فهو في الشتاء دافئ ، وفي الصيف بارد ، بفضل سخاء الكهرباء الذي يمنح المواطن فرصة الاسترخاء على فراشه من غير أن يتقلب بسبب الحر في ظهيرات تموزية أو ترتعد فرائصه من شدة البرد في ليالٍ شتائية !!
ـ ولابد من الأشادة بما شهدته الشوارع عندنا من اتساع ، حتى بتنا نقطعها في اوقات قياسية ، حيث لازحام ولا عوارض ولا حتى يتصدع الرأس بأشعة عمودية !!
ـ خمس سنوات من الهدوء الاسطوري ، حيث يمكن لأيّ منا ان يلقي ابرة على الارض فيسمع صوتها ، حيث لااطلاقة نارية تأتيك بعشوائية ، ولاسيارات مفخخة تسلب احلامك وتبطش باحبابك ، ولامواجهات قتالية ، ولاخوف من بطش مجموعات مسلحة أو عصابات ارهابية !!
ـ خمس سنوات تناولنا فيها بشراهة اطباقاً شهية من شوربة الديمقراطية ، وسلـَطَة الحرية ، ودولمة التعددية ، ومرق الأمان ، ، وباجة النزاهة وحفظ المال العام ، وتبسي الرفاهية ، فماذا نريد بعد ، ولماذا لانستحي من شكاوانا غير المبرَرَة ومطالبنا غير الشرعية حين نقول نريد من الحكومة كذا وكذا وكذا .. ألسنا نحيا في ظلها بغنج ٍ ودلال !! ، فلا احد منا يركض وراء حصة تموينية او اسطوانة غاز او عبوة نفطية او يتذمر من غلاء او زحام او سكن بالايجار .. ماذا نريد بعد كل هذا ؟ لماذا لانقمع طمعنا ورغباتنا ولانرضى إلاّ إذا استجابت الحكومة لآخر مطالبنا ( البطرة ) وهو القيام برحلة الى القمر مكوكية !!
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>..
حلبة للحرب .. حلبة للحياة
اسماء محمد مصطفى
كهفُ صمتٍ يحتويني منذ وقت غير بعيد ..
بيني وبينه صلة تتجاوز حدود العلاقة بين انسانٍ ومكان ٍ أليف ..
انه بارد الى درجة اكتسابي برودته ..
يجذبني لأكون اعمق نقطة فيه .. لماذا نحلم بدفء نعرف انه رفيق اللحظات العابرة ؟!
كهفي لا يحمل دفئك .. لكن جدرانه تجيد لعبة ارجاع الصدى ..
امنحها خفقات طينية اثيرة ..
تعيدها لي رنيناً لنايات نائية ..
وسط ضجيج العالم اتمنى ان افقد حاسة السمع ، لأحظى ، دائماً ، باوقات ممتعة في سماع معزوفة النايات ..
فأنا لست سوى إمرأة عشقت الحب ، وتوهمت انه العصي على التمزق في حلبات الحرب والحياة ..
ـ الحرب لعبة ..
ـ الحياة خدعة ..
ـ الحرب خدعة ..
ـ الحياة لعبة ..
والحب .. ضحية الخدعة واللعبة ..
وأنت .. ما الذي اخذته منك اللعبتان ؟
وكم جرحاً حفرته على صخور شواطئك الخدعتان ؟
وأنا .. ماذا تبقى من إمرأة صاخبة امتهنت الحب ، ووضعت أولى لبنات مدرسة له ..
كنت انت فيها المعلم والتلميذ .. قبل عصف الريح .
عصف لم يُبق ِ شيئاً مني سوى ظل حزن ..
حتى الذكرى اخذت تهرب من فراغاتي ..
تُعري الارصفة والشوارع من خطواتي ..
ومدرستي .. حطام حرب .. بل قل هيروشيما جديدة ..
ودروسي اصداء غائبة في الاثير .. ووجهي رماد الطرقات النائية ، يتناثر على طفلٍ للحب، يتيم ، كان يسمى ذات يوم .. قلبي ..
اما حياتي ، فخفقات بلا اصداء .. وكلماتي صورة محترقة في ألبوم عتيق تلتهمه افواه الغبار .. غبار اللعبة والخدعة ..
وأنت تسألني ان اعود من الكهف القصي ؟!
في ذلك الكهف يعقد حزني مع الصمت هدنة ..
يتبنى الصمت فمي ..
يمنحني فسحة التأمل ..
هناك .. اعرف انني في مواجهة صمتي ، وقد تفضي المواجهة يوماً الى قرار .. ربما يكون اعترافاً جديداً بالحب ، ولبنة جديدة لمدرسة اخرى وابتسامة تشرق من وراء ظل الحزن ..
وقد يكون اعترافاً بإنّ الحرب لا تمنح أبانها وبعدها فسحة لنعيد بناء الحب ..
في الكهف اتركني اصالح نفسي او اخاصمها ..
قد استدير نحو باب الكهف واهرع الى ذراعيك ، او امنح الحرب ذكرياتي وكل ما أنا عليه الآن ..
فقط ، امنحني بعض الوقت ، لأعرف أي نوع ٍ من الجراح أنا ..