العميد المتقاعد برهان إبراهيم كريم
مقال :
وأراد ميخائيل ساكاشفيلي أن يقدم خدماته وينجوا برأسه
غريب أمر الرئيس الجو رجي ميخائيل ساكاشفيلي, وهو يتحامق ويتغابى كسيده قاطن البيت الأبيض.
يتحرش بروسيا, ويعمل جاهدا لتخريب علاقات جورجيا مع جيرانها, ويسعى جاهدا لتبقى دوما بحالة متوترة.
لا يهمنا تاريخ ولادة ساكاشفيلي بتاريخ 26/12/1967م. ولا دراسته وتخرجه وتدربه في نيويورك ليكون محاميا من نيويورك. ولا حصوله على الجنسية الأميركية. ولا وصداقاته الوثيقة بكثير من محافظي وصقور إدارة الرئيس جورج بوش وليبراليها الجدد المتصهينيين. ولا حتى علاقته المميزة مع السمراء الفاتنة غونداليزا حين كانت تشغل منصب مستشارة الرئيس بوش لشؤون الأمن القومي. ولا أيضا تفضيله الزواج من الهولندية ساندرا إليزابيث رولوفس عام 1995م على بنات جورجيا. فهذه أمور شخصية به, ولا علاقة لأحد غيره فيها.
إنما ما يهمنا الدجل والنفاق السياسي, والمكر والخداع والسلوك العدواني والإرهاب ونزعة العدوان والإجرام والازدواجية, والذين هم الصفات المشتركة لكافة الليبراليين الجدد المتصهينيين والمحافظين الجدد.والذين منهم ميخائيل ساكاشفيلي. بحيث باتوا كبالونات منفوخة بالكراهية والعدوانية للإنسانية وشعوبهم وكل دين سماوي.
ولو دقق القارئ تصرفات الرئيس ورجل القانون ساكاشفيلي, لوجد أنه ليس سوى إرهابي صهيوني:
- فساكاشفيلي يعتبر أن الحرب في العراق تمثل خط الدفاع الأول في الحرب على الإرهاب. وشارك بقوات قوامها أكثر من ألفي جندي لتكون الثالثة بعد القوات الأميركية والبريطانية في العراق.
- ويعلن على الدوام,أنه لن يسمح لإيران أن تحقق مآربها. فإسرائيل هي من تهمه وليس جورجيا.
- ويعتبر أن ما يصيب أو يلحق بإسرائيل من أذى, يلحق ويصيب جورجيا أيضا. ويقسم الأيامين المغلظة, بأن المكان الوحيد الذي يشعر فيه أنه في وطنه إنما هو دولة إسرائيل.
- وهو من دخل البرلمان عام 2003م وبيديه وردة تعبيرا عن الثورة الوردية التي صدرتها الادارة الأميركية إلى جورجيا. وكان يردد شعارات السلام والحرية والديمقراطية. ولكنه حين أصبح رئيسا لجورجيا , أستبدل الوردة بالمدفع, والسلام بالحرب,و أستبدل الحرية والديمقراطية بالديكتاتورية.
- عينه الرئيس أدوا رد شيفارنادزة وزيرا للعدل كونه محاميا, إلا انه سرعان ما انقلب عليه, وفبرك مع الادارة الأمريكية تهمة تزوير شيفارنادزة للانتخابات. وأعيدت الانتخابات بالمعايير والمقاييس الأميركية المفصلة خصيصا على قياس عملائها وليبرالييها.فحصد منها رئاسة جمهورية جورجيا. ومن يوم تقلده لمنصب الرئاسة, وهو يزور الانتخابات والنتائج على مزاجه. وتحول إلى مستبد وطاغية.
- وثق تحالفاته وعلاقاته بالإدارات الأميركية وإسرائيل. وتطوع ليضع جورجيا في خدمة مصالح الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل. وراض ٍ وعن قناعة أن يكون بمثابة مخلب قط لهما.
- قمع بوحشية المظاهرات المعارضة له عام 2007م, وسحق ثورة القراص الجورجية بوحشية. ومع ذلك يحظى بدعم وتأييد وحب الادارة الأميركية. وترى في نظامه, تجلي الديمقراطية بأبهى صورها.
- ويسعى لتكون جورجيا عضوا في حلف الأطلسي. وبوش يضغط على ألمانيا وفرنسا في هذا المنحى. ويطالبهم بقبولها في الحلف على جناح السرعة,لربطها بمعاهدات هيمنة و وصاية. ليسرح ويمرح فيها حلف الأطلسي بحرية, قبل أن يسقط الجورجيين ساكاشفيلي , ويهرب إلى المكان الذي منه أتى.
- وراح يعوض عن فشله السياسي والاقتصادي, وتنكره لما وعد به الجورجيين, بوضعهم في حالة الخوف والقلق والرعب. من خلال تحرشه بجيرانه, واحتلاله بعض مدن أوستينا الجنوبية وأبخازيا. وتوتير الأجواء بين جورجيا وجيرانها بأساليب قذرة, والزج بجورجيا بأتون نار حرب مدمرة.
- غزا أوستينا الجنوبية وأحتلها,ضاربا بعرض الحائط جميع تمنيات دول العالم وروسيا عليه بأن يدع أوستينا وشانها. وأن لا يندفع خلف أحلامه المريضة, كي لا يعرض المنطقة والأمن الدولي للخطر. وكل ظنه أن الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا ستهرع لمساعدته ودعمه إن حاولت روسيا الإعتراض أو الاحتجاج على احتلاله لأوستينا وأبخازيا. إلا أن الرد الروسي السريع أخذ بهم وبعميلهم ساكاشفيلي على حين غرة . فلم يجد الأوروبيين أمامهم إلا التحرك للوساطة . بينما لجا الرئيس جورج بوش وإدارته, لدعم ومساعدة ساكاشفيلي بالثرثرة والكلام الفارغ والتصريحات الخطابية فقط.
- و حقد ساكاشفيلي للصين ولشعوب العالم, دفعه ليفسد ليلة أفتتاح أولمبياد بكين, ويتخذ من ليله موعدا لعدوانه.حين قصفت قواته بكثافة ووحشية عاصمة ومدن وقرى أوستينا لساعتين, قبل إعلانه الحرب على أوستينا, واحتلال قواته لعاصمتها تسخينفالي,وقيامها بارتكاب مجازر حرب ضد سكانها العزل.
- وإعلان ساكاشفيلي الحرب على اوستينا هو إقرار واعتراف منه بأن أوستينا جمهورية مستقلة. وهذا دليل على غباء وجهل هذا الرئيس بكل شيء. وهو رجل القانون الذي لا يجوز أن يرتكب هذه الغلطة.
- وعدوان ساكاشفيلي على أوستينا, إنما هدف منه مساعدة الرئيس جورج بوش وحزبه الجمهوري, بقطف نصر خاطف يخدمهم في الانتخابات الأمريكية القادمة إن كان لمنصب الرئاسة الأمريكية, أو لعضوية مجلسي الكونغرس. وهذا تدخل فظ منه بالشؤون الداخلية الأمريكية. رغم أنه كحامل الجنسية الأمريكية, وأحد الليبراليين والمحافظين الجدد, يجد لزاما عليه دعم الحزب الجمهوري الذي يميل إليه. وقد ظهر ذلك جليا من خلال دعم جون ماكين لساكاشفيلي اللامحدود وتنديده بروسيا, وطلبه مساعدة ساكاشفيلي على الأقل كونه مواطن أميركي. بينما أنتقد اوباما تصرفه رغم تنديده هو الآخر بروسيا.
- وساكاشفيلي ظن أنه بعدوانه واحتلاله لبلاد جيرانه سينقذ نظامه من السقوط بالتزامن مع سقوط جورج بوش. فعمد إلى خلط الأوراق بعدوانه عله يخرج كمنتصر وبطل قومي. فخاب وبات سقوطه حتميا
- وعلى الرغم من تحمل الروس لجنونه وحماقته وشذوذه وتخرصاته, وتعاملهم معه بحكمة وأناة ورزانة وروية وطول صبر وبعد نظر. ولجوء روسيا إلى مجلس الأمن الدولي, بتقديمها شكوى على عدوان ساكاشفيلي على أوستينا وتدميره عاصمتها تسخينفالي. وجريمته بقتل جنود حفظ السلام الروس المنتدبين بقرار من مجلس الأمن الدولي للحفاظ على الأمن في القوقاز. إلا أن المجلس بضغط وعرقلة من الادارة الأمريكية ومندوبها المرقط بجنسيتيه الأفغانية والأمريكية, لم يوافق على بحث الشكوى, مما أضطرها لاتخاذ قرار بحماية قواتها وأمنها وجيرانها وأوستينا من مجلس أمنها القومي.
- وروسيا أرادت أن تصفع ساكاشفيلي بقسوة. لترتعد مفاصل إدارة بوش وبعض الدول التي استقلت عن الاتحاد السوفيتي من هول الصفعة.لأنها تعرف أن ما قام به ساكاشفيلي, إنما بوحي من إدارة الرئيس جورج بوش . وأن من أهدافه أيضا دعم انتخاب المرشح جون ماكين. وكذلك اختبار وجس نبض روسيا لمعرفة ردات فعلها , من ارتماء البعض في حضن الناتو ونصب منظومة الدفاع الصاروخي.
- وساكاشفيلي وإسرائيل اتفقا على جعل جورجيا معسكر تجمع لعناصر اللوبي الإسرائيلي لتنشيط تواجدهم في منطقة القوقاز.بإعادة بعض من هاجر إلى إسرائيل من تلك المناطق, وتزويدهم بالأموال والقدرات والخبرات . بحيث يؤهلهم للعبور إلى باقي الدول والاستيلاء على مقدراتها والتحكم بقياداتها, لإخضاعها لدائرة النفوذ الأمريكي والإسرائيلي. ولذلك تم إرسال كبار الضباط, و عناصر من الجيش و المخابرات, وبعض كبار رجال الأعمال الصهاينة من اليهود. لتشكيل وتنظيم وتدريب وتسليح فرق للمرتزقة كشركات أمنية في جورجيا. لتكون جورجيا قاعدة متقدمة لإسرائيل في القوقاز ,بحيث يؤهلها التسلل إلى أسيا وأوروبا وإيران وتركيا وجيران جورجيا بيسر وسهولة للتحكم بمواقفهم ومواقف الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو وروسيا, وتهديد أمن كل من يعارض صهيينة وأمركة العالم. حتى أن ساكاشفيلي عين وزيرين إسرائيليين في حكومته . هما وزير الدفاع دافيد كزراشفيلي الذي عين عام 2006م, ووزير المقاطعات الجنوبية تيمور يعقوبو شيفيلي, إضافة لآلاف المستشارين.
- ورد روسيا الحاسم على عدوان ساكاشفيلي .دفع بموقف الاتحاد الأوروبي ليأخذ ثلاثة اتجاهات:اتجاه تقوده فرنسا, ويطالب بإنسحاب كل من القوات الجيورجية والروسية إلى مواقعها السابقة قبل العدوان الجورجي. والرئيس الفرنسي ساركوزي أعلن بان هنالك التزاما أوروبيا وروسيا بضمان واحترام سيادة جورجيا. وهذا دحض لما يدعيه ساكاشفيلي. واتجاه تقوده إيطاليا عبر عنه وزير خارجية إيطاليا حين أعلن بان بلاده لن تنضوي في أي تحالف لحماية جورجيا. إضافة إلى أن بلجيكا اعتبرت ساكاشفيلي المسئول عن المعارك نتيجة تدخله العسكري غير المبرر. واتجاه تقوده بريطانيا وبولندا, ويدعو للتدخل لحماية عدوان ساكاشفيلي. وهو ما وضع حلف الناتو بموقف العاجز عن إتخاذ أي قرار.
- وبعد تصدي روسيا لعدوانه ومعاقبتها لجورجيا. راح كل من الرئيس ميخائيل ساكاشفيلي والرئيس جورج بوش ونائبه وبعض رموز إدارته يصيحون على أثرها كمخبولين فقدوا عقلوهم , وبات كلامهم ثرثرة بثرثرة يناقض بعضه بعضا, وأشبه بصراخ زعران الحارة. وفيه إدانة لهم ثابتة وواضحة.
- وكثير من دول الاتحاد الأوروبي وبخت وأنبت ساكاشفيلي , واعتبرته المسئول عن الحرب , وانه هو المعتدي. حتى أن وزير الخارجية الفرنسي اعتبر أن الاتحاد الأوروبي هو من تقع عليه مهمة تسويته لأن واشنطن طرفا فيه نوعا ما. ودبلوماسي أوروبي رفيع المستوى وصف تصور ساكاشفيلي بإمكانية استعادة أراضي بالقوة العسكرية الجورجية دليل على أنها حسابات شخص مغفل.
- وحتى الادارة الأمريكية التي فقدت صوابها بسبب هزيمة ساكاشفيلي, وراحت تهدد وتتوعد وتندد بروسيا, وتهددها بالحصار والمعاقبة.سربت هي الأخرى على صفحات الواشنطن بوست خبرا مفاده :أن السيدة رايس نصحت ساكاشفيلي بالتروي وعدم اللجوء للعدوان أو الحرب على أوسيتيا وأبخازيا.
ولو قارن المرء بين مواقف البعض من الأنظمة والحكومات والأمم المتحدة والإدارة الأميركية الحالية من جورجيا ومواقفهم السابقة من حروب الخليج الثلاث لهاله حجم الازدواجية في المواقف,والكم الهائل في النفاق والمكر والخداع وازدواجية المواقف وتعدد المعايير التي لا تحصى ولا تعد.ومنها على سبيل المثال:
- وهاهو ساكاشفيلي يطالب حلف الأطلسي بوقاحة قائلا: أدعوا حلف شمال الأطلسي والأمم المتحدة إلى وقف العدوان الروسي.رغم أنه هو من اعتدى على أوستينا الجنوبية وأبخازيا ليهدد أمن روسيا.
- ويعتبر شاكاسفيلي أن الرد الروسي على عدوانه, أشبه بهجوم الاتحاد السوفييتي على أفغانستان والذي كان حينها طفلا صغيرا لا يعرف من أمره شيئا. وكأنه يناشد بذلك تنظيم القاعدة ليقدم إليه المساعدة.
- ويتهم قائد حلف الأطلسي روسيا بالاستخدام المفرط للقوة في أوستينا الجنوبية وانتهاك وحدة أراضي جورجيا. متجاهلا بمكر الاستخدام المفرط للقوة الذي ليس له من مثيل من قبل إسرائيل والإدارة الأمريكية في الضفة وقطاع غزة منذ أكثر من أربعين عاما, وعلى العراق منذ عشرون عاما.
- والرئيس جورج بوش يعتبر الرد الروسي غير مقبول, ويعلن وقوفه مع المعتدي ساكاشفيلي.متجاهلا شن أبيه الحرب على العراق عام 1991م لنفس السبب . وأن ما تفعله روسيا لتحرير أوسيتيا وأبخازيا على اعتبارها جارة, هو نفس ما فعله أبيه لتحرير الكويت رغم أن بلاده ليست للكويت والعراق بجار.
- والرئيس جورج بوش والرئيس ساركوزي والمستشارة ميركل اتفقوا بسرعة على ضرورة وقف إطلاق نار غير مشروط, وعلى ضرورة احترام الأراضي الجورجية, ودون أن يشيروا إلى ضرورة أنسحاب القوات الجورجية المعتدية. بينما لم نجد لهذا الموقف من أثر أثناء الحرب العراقية الإيرانية, أو حين أحتل العراق الكويت, أو حين غزا و أحتل الرئيس جورج بوش العراق. حين لم تسارع دولهم للدعوة لإيقاف نار غير مشروط ,واحترام أراضي هذه الدول .وإنما سارعوا لتحميل العراق كامل المسئولية, وفرض جميع العقوبات بحقه وبكل أصنافها. وكذلك لم نجد لهذا الموقف من أثر حين اعتدى بوش على العراق بذرائع كاذبة عام 2003م. رغم أن التدخل الروسي ضروري وشرعي ومبرر,لأنه تنفيذ لمعاهدة تحالف مع دول الاتحاد السوفييتي السابق, بينما غزو العراق غير شرعي.
- وقوف الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية مع المعتدي والجاني والإرهابي ساكاشفيلي, وإدانتهم لروسيا وأوسيتيا وأبخازيا رغم أنهم الضحية والمحنى عليهم. وبنفس الأسلوب والموقف الذي يقفونه مع الجاني الإسرائيلي والأميركي ضد الضحايا من الشعب العربي في فلسطين ولبنان والعراق.
- وروسيا لم تتدخل إلا دفاعا عن النفس وعن المواطنين الروس في أستونيا, بعد أن قتل ساكاشفيلي أكثر من 2000جندي روسي من جنود قوة السلام الدولية ودمر عاصمة أوستينا وقراها حيث قتل الألوف من مواطنيها. في حين أعلن جورج w بوش الحرب على العالم بسبب مقتل أقل من هذا العدد بكثير في هجوم تنظيم القاعدة على برجين في نيويورك بتاريخ 11/9/20001م, ومازالت هذه الحرب مستعرة.
- وحرب ساكاشفيلي على أوستينا كانت حرب إبادة عرقية, ومع ذلك لم تحرك الشرعية الدولية ساكنا. بينما هي توصف بعض الحروب والصراعات على أنها حروب إبادة رغم أنها ليست بحروب إبادة لتحشر أنفها في التدخل بهذه النزاعات لمآرب وغايات وأهداف أخرى ولصالح الادارة الأمريكية.
- وحماية روسيا لمواطنيها الروس في أبخاريا وأوسيتا حق مشروع. بينما تسعى الولايات المتحدة لتمزيق العراق والسودان ودول أخرى إلى دويلات طائفية وعرقية لا علاقة أو روابط بينها وبين أمريكا. والمضحك أنهم يرفضون أن تكون أوسيتيا وأبخازيا كيانات مستقلة ,بينما يدعمون كردستان العراق ودارفور وجنوب السودان لكي تكون كيانات مستقلة أخرى.
وهذا الموقف الأمريكي والإسرائيلي المتناغم رغم تناقضه في مواضع أخرى, يلتقي مع أهدافهما المشترك في:
- تشجيع روح الانفصال ومنطق التجزئة والتشرذم في دول العالم ليسهل أمركة هذه الدول.
- تنمية ورعاية الخلافات والمشاكل بين كل دولة وجيرانها, لمنع تحقيق الوحدة أو الاتحاد, أو حتى التعاون والبناء والعيش المشترك, بحيث تبقى الدول ضعيفة وواهنة , ورهينة أوضاعها الداخلية وعلاقاتها المتوترة مع جيرانها. بحيث يسهل على الادارة الأمريكية توقيع معاهدات لفرض الهيمنة عليها, وجعل أراضيها قواعد للولايات المتحدة الأمريكية وحلف الأطلسي.
- السيطرة على مناطق النفط وطرق إمداداته , ليسهل التحكم بقيادة أوروبا والعالم.
- واحتلال ساكاشفيلي لأوستينا تم بضوء أخضر أمريكي , وبتنسيق أمريكي إسرائيلي. فهما من درب وحدات الجيش الجورجي في جورجيا وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية. وأمدوه بالعتاد الحربي المتطور وبشركات أمنية ومرتزقة متطورة. وتم التغطية على توقيته بإعلان كل من الادارة الأمريكية وجورجيا إجراء مناورات عسكرية مشتركة في نفس اليوم الذي اختير للعدوان على أوستينا وذلك بهدف أستفزاز روسيا, واختبار إمكانية الرد الروسي,قبل توظيف الجمهوريات التي انفصلت عن الاتحاد السوفييتي في دعم عدوان أمريكي إسرائيلي على إيران..إلا إن النتيجة كانت كارثية على كل من إدارة جورج بوش وإسرائيل. حيث تبين:
- أن الشرخ بات عميقا بين ساسة إسرائيليون لا يريدون زج إسرائيل بأتون حرب مدمرة مع إيران أو نزاعات مع روسيا. وبين جنرالات إسرائيل كباراك وزير الدفاع ونتنياهوا وموفاز وغيرهم الذين يريدون خوض هذا الصراع وتدمير المنشآت النووية الإيرانية, ودعم ساكاشفيلي خدمة لإدارة بوش ومنظمة إيباك
- وزج إسرائيل بهذا الصراع لم تجني منه سوى عداء روسيا حكومة وشعبا.
- وكذلك فاقم الخلاف بين رموز الادارة الأمريكية. ففي الوقت الذي رفع الرئيس بوش ونائبه تشيني ورايس من أصواتهم بالويل والثبور وعظائم الأمور تجاه روسيا, واستنكار تصرفها وعدوانها على جورجيا. أعلن مسئول في وزارة الخارجية الأمريكية. أن جورجيا تتحمل جزء من المسئولية عن هذا النزاع. وأكد المسئول المذكور, أنه خلال كل هذه المرحلة دعونا بقوة الحكومة الجورجية إلى أن تظهر ضبط النفس, وتتفادى بأي ثمن نزاعا وتصعيدا عسكريا مع روسيا, وكنا واضحين جدا.و أوضحنا للروس أنه في حال إستمرار التصعيد غير المتكافئ والخطير من الجانب الروسي,فإن ذلك سيترك أثرا كبيرا على المدى الطويل على العلاقات الروسية الأميركية.
- وإسرائيل أرادت أن تحرر يد إدارة الرئيس جورج بوش لتتمكن من التدخل في جورجيا ليكون مقدمة وتشجيعا لتدخلها ضد إيران .فحسم وزير الدفاع الأميركي وقيادة الأركان الموقف بأنهم لن يتورطوا بنزاع جديد وإضافي مع روسيا.
- وكاد يما والليكود أرادوا فك طوق الحصار والعزلة عن إيباك وبعض منظمات اللوبي الصهيوني ,بعد أن باتوا لا قيمة ولا وزن لهم في الانتخابات القادمة. فخابوا. وعمقوا جذور الأزمة فيما بينهم وبين المجتمعين الأمريكي والأوروبي.
مهما حاولت وسائل الإعلام المشبوهة ,أو الممولة من الادارة الأمريكية أو إسرائيل والصهيونية, أو من حلفاء الادارة الأمريكية, طمس الصورة , وتزييف الحقائق , وقلب المفاهيم, وعرضها بصور معكوسة. إلا أن العدوان الأمريكي الذي قاده المتأمرك والليبرالي الجديد وأحد صقور المحافظين ساكاشقيلي من جورجيا ضد جيرانه وروسيا. يمكن قراءة نتائجه على هذه الصورة, ووفق المنطق التالي الذي يجانب الحق والحقيقة:
- هزم ساكاشفيلي هزيمة منكرة. لأنه ظن أن مصالح الادارة الأمريكية التي يدافع عنها ,ستدفع بالإدارة الأمريكية ودول حلف الناتو الأوروبية إلى التدخل لدعم عدوانه, وخاصة أن السياسة الرائجة حاليا هي سياسة المصالح الخاصة. ناهيك عن طلبه الانضمام لحلف الناتو, ومحاولاته إضعاف وتمزيق روسيا.
- وغباء وحماقة جهل ساكاشفيلي أعمت بصره وبصيرته عن جملة من المصالح للدول:
- فأوروبا بحاجة ماسة إلى الطاقة الروسية والغاز الروسي, ولن تقامر بمصالحها الاقتصادية.
- والولايات المتحدة الأمريكية التي عادت مجبرة لمظلة الأمم المتحدة نتيجة هزائمها المنكرة, والتزامها بتقرير بيكر, لتشرعن حربها على الإرهاب واحتلالها العراق وأفغانستان , وتستظل بظل الشرعية , غير قادرة ولن تجرأ على تجاوز الأمم المتحدة ومجلس الأمن.
- والإدارة الأميركية ودول أوروبا وإسرائيل بأمس الحاجة لدعم روسيا بمعالجة الملف النووي الإيراني. وما من أحد منهم مستعد أن يعادي روسيا بأكثر من الكلام في هذه المرحلة.
- وظنون ساكاشفيلي على أنه قوي طالما هو يرتكز على القوة العظم, لم تكن في محلها. فهذه القوة باتت بسبب هزائمها في العراق وفلسطين ولبنا وأفغانستان أشبه بسكين مثلومة.
- وحماقة ساكاشفيلي الخيرة, جعلت الشعوب الأوروبية وكثير من الحكومات الأوروبية أكثر حذرا من دخول جورجيا حلف الناتو , وعضويتها في الاتحاد الأوروبي , لأن هذا معناه أن أوروبا ستجر من جورجيا أو ساكاشفيلي إلى حالة من الحرب مع الروس, وهذا ما يجتنبونه.
- وعدوان ساكاشفيلي سيدفع بتركيا وإيران وروسيا لبناء تحالفات تخدم مصالحهم وأمنهم القومي.ودفع بباقي الدول لتتوجس خيفة مما تبيته كل من الادارة الأمريكية وإسرائيل لبلادهم.
- والحرب التي شنها ساكاشفيلي إنما هي تنفيذ لمخطط أمريكي .يهدف تغلغل الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل في خاصرتي وبطن وظهر روسيا في مناطق القوقاز.من أجل إكمال طوق الحصار عليها, ومن ثم خنقها سياسيا واقتصاديا وعسكريا وإستراتيجيا.للقضاء على أي دور لها حاضرا أو مستقبلا.
بأختصار شديد: أراد ميخائيل ساكاشفيلي أن يقدم خدماته لأسياده وينجوا برأسه, فهزم وخاب وزاد الطينة بلة.ومن يدري؟ فلربما سيتهم على أنه بعدوانه وهزيمته المنكرة, ساهم في تحطيم أحلام المرشح جون ماكين والجمهوريين والمحافظين الجدد,وانه بتسرعه وحماقته كان السبب في إجهاض دور جديد تسعى إليه إسرائيل!
الاثنين: 18 /8/2008م العميد المتقاعد برهان إبراهيم كريم
بريد إلكتروني: .burhank45@yahoo.com
.bkburhan@maktoob.com
.bkriem@gmail.com
عزيمة البطل سمير القنطار لن تلين أو تستكين
ما يفعله الصقور والمحافظين الجدد وحكام إسرائيل دليل على أنهم عصابات إجرام وإرهاب وقتل وتدمير.
وأكثر ما يحز في النفس, رؤية أحدهم رجلا كان أم امرأة, أن يكون له قرينة أو قرين يجمعهما أسرة أو بيت. فالحياة مع أمثال هؤلاء انتحار, وأشبه بمن يهجر حياة الكرامة والشرف والعز ليحيا حياة قوامها الذل والمهانة.
فحديثهم مقيت, وكلامهم ثرثرة, وابتسامتهم صفراء تقزز النفس, ومنطقهم أعوج, وأفعالهم يخجل من أن يقترفها طفل وليد, لصغر سنه, مازال غير بقادر على التمييز بين قطعة الجمر الملتهبة وبلح أشجار النخيل.
وكم هؤلاء الرموز مجرمين وتافهين, حين حكموا على الفتى سمير القنطار وهو بعمر الورود,وسنه لم تكمل السادسة عشر عاما, ولم يبلغ بعد سن الحلم, بالسجن بمدد تصل لخمسة قرون, ونظموا له إضبارة أو ملف برقم 578/79 سري للغاية.وهو لصغر سنه لا يدرك معانيها, وتركوه حبيس الزنزانة , يملئون نهاره وليله بكافة صنوف القهر والجور والتعذيب. و تركوا أسرته نهبا للحزن والغم, وهي لا تعرف شيئا مما يعانيه فتاها الصغير.
وكم هؤلاء وحوش ضارية, حين لا يروي غليلهم إلا أن يسجنوا مئات الألوف من العرب والفلسطينيين والمسلمين, ويشبعون نهمهم العدواني والوحشي بإذاقة المعتقلين كل صنوف التعذيب التي يندى لها الجبين. وكم هم حمقى وأغبياء, حين تناسوا أو جهلوا وفاتهم, أنهم بمثل هذه الأفعال الإرهابية القبيحة والآثمة والخسيسة, دفعوا فتية وأطفال عرب وغير عرب ومسلمين ومسيحيين بعمر الورود, كالشهيدة دلال المغربي والشهيدة ثناء محيدلي, والبطل سمير القنطار وغيرهم الكثير, وكثير منهم لم يبلغ بعد سن الحلم أو سن الرشد,لأن يتطوعوا دفاعا عن وطنهم لبنان أو فلسطين أو العراق. بعد أن احتلت إسرائيل جنوب لبنان عام 1978م, وأتبعته بعدوانها عامي 1982م وعام 2006م, وراح جنودها يتفننون بقتلهم اللبنانيين والفلسطينيين. ثم باصطيادها الآباء والأبناء والأمهات بقنابل وصواريخ الطائرات. وبحصارها للضفة وقطاع غزة. بحيث لم تبقى أسرة فلسطينية إلا وفيها شهيد وأسير أو معوق.وكذلك ما تمارسه القوات الأمريكية وحلفائها من إجرام وإرهاب , ومنهمكين في تطويره ليكون أكثر إجراما وإرهابا وإذلالا لم يتوصل إليه احد من بعد. وحتى أنهم راحوا يتحالفون مع عصابات المرتزقة والإجرام والإرهاب, لزهق أرواح أكثر من أبنائه ونسائه و كبار السن الأبرياء والعزل من السلاح. مما تسبب بقتل وموت أكثر من مليوني طفل عراقي, وأكثر من مليون ونصف عراقي. ناهيك عن ملايين المهجرين والمشردين من الفلسطينيين واللبنانيين والعراقيين. إضافة لمئات الآلاف من أسر يتموا أطفالها, بقتلهم الآباء أو الأمهات, أو الإثنان معا, وحتى الأوصياء. أو زجهم بسجون ومعتقلات موزعة في كل أرجاء المعمورة.
وكم هو مؤسف ومحزن ومخجل, حين نرى الشرعية الدولية والأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني ولجان حقوق الإنسان, لا تحرك ساكنا. وتهمل حقوق هؤلاء, و يغضون الطرف عن ما هو مسطر في مواثيقهم. أو لا يجرؤن حتى على محاسبة مثل هؤلاء الأوغاد على جرائمهم الإرهابية والإجرامية. فالشرعية وهذه المنظمات مطالبون بتكريم هؤلاء الفتية والصبايا والأطفال أولا. ومن ثم محاسبة هؤلاء الرموز الإجرامية رسميين وغير رسميين ومؤسسات وأفراد. لأنهم هم من يتحملون كامل المسئولية,عن اندفاع هؤلاء الأبطال بصدق وبراءة وإخلاص,لمقاومة هذا العدوان والإرهاب والإجرام, دفاعا عن الإنسانية جمعاء, وزودا عن حمى الأهل والأسرة والأوطان. ولو أن هذه المنظمات الدولية والإقليمية, ومعهم الأنظمة والحكومات, الذين يتشدقون بالتمسك والدفاع عن الشرعية والديمقراطية والحرية والعدالة والتحضر كما يدعون. لسارعوا إلى تكريم هؤلاء الشهداء والأبطال , ولمنحوهم شهادات تقدير,وأسمى النياشين والأوسمة على تضحيتهم بالنفس, والجود بالروح والدم, أو بشبابهم ليحظوا بالشهادة, أو ليقضوا جل حياتهم الدنيا في الأسر. يكتوون بنار السجون, وسعير المعتقلات دفاعا عن الإنسانية. ولو أنهم كما يدعون يدافعون عن حقوق الإنسان وحق الطفل والحرية والديمقراطية. لرفعوا الصوت عاليا , واتخذوا الإجراءات القانونية لزج المجرمين والقتلة والإرهابيين في السجون, وجرجوهم للمثول أمام محكم جرائم الإنسانية وجرائم الحروب , أو المحكمة الدولية على أقل تقدير. لأنهم بأعمالهم الإجرامية, هم من حرضوا ودفعوا بهؤلاء الشباب من فتيان وفتيات وأطفال لسلوك دروب المقاومة والجهاد والعمليات الإستشهادية. فهؤلاء الشهداء والأسرى والمعتقلون الأبطال الذين ضحوا بالغالي والنفيس دفاعا عن الأوطان هم من يستحقون التكريم, ويستحقون أن تزين صورهم وأحاديثهم محطات المذياع وشاشات التلفزة, ويمنحوا الشهادات الفخرية من الجامعات, ويقلدوا كل نيشان وسام ووشاح. لأنهم سطروا ملاحم الشرف والبطولة والكرامة والعز, غير آبهين بجاه أو سلطة أو مال. وكل همهم إرضاء الله رب العباد,وأن تحيا أوطانهم وشعوبهم بحرية وكرامة وعز وفخار, وأن تبقى الإنسانية بأمان. ولا يسعنا في هذا المجال إلا أن نتوجه بالشكر للبنان الشعبي والرسمي, وللرئيس ميشال سليمان وحزب الله, ولسوريا قيادة ومواطنين, على حسن استقبالهم للأسرى وجثامين الشهداء. مع شكرنا لكل عربي وغير عربي وطني وحر في شتى أرجاء المعمورة على فرحته الغامرة بهذا التحرير والانتصار. مع تقديرنا لسماحة السيد حسن نصر الله على جهوده في تحرير الأسرى,وعلى رأسهم عميد الأسرى سمير القنطار, وإعادته لجثامين الشهداء إلى ذويهم بعد طول غياب. فهو من أحيا آمال الشعوب التي تعاني القهر والاضطهاد, وذكرهم بأن نصر الله قريب . وهذا ما وعدهم به الله العلي العظيم, والله لا يخلف الميعاد.فتحرير الأسرى يحمل من المعاني ما يعجز عن وصفها القلم واللسان. ومنها على سبيل المثال:
- قهر إرادة الغاصب والمحتل: فعقب عملية أسر الجنديين الإسرائيليين, عقد السيد حسن نصر الله مؤتمرا صحفيا بتاريخ 13/7/2006م قال فيه, الأسرى الموجودين لدينا لن يعودوا إلى الديار إلا بوسيلة وحيدة تفاوض غير مباشر وتبادل. ولا يمكن لأحد في هذا الكون أن يردهم إلى ديارهم إلا بالتفاوض غير المباشر والتبادل, وإذا فكر الإسرائيلي بأي عمل عسكري هدفه إستعادة الأسيرين فهو واهم واهم واهم حتى ينقطع النفس. وجرب أولمرت وجنرالاته إسترادهم بعدوان وحرب 2006م, فحاقت بهم الهزيمة والخزي والعار, وتبين للإسرائيليين ولأنفسهم بأنهم كانوا واهمين. ورضخوا لكل كلمة قالها السيد حسن نصر الله في مؤتمره الصحفي, وأنصاعوا لجميع شروطه مرغمين.
- عزم حزب الله والمقاومة اللبنانية على فل عزيمة أعدائه ولو كانت بقساوة الحديد: فلم تفلح تهديدات الادارة الأميركية والأنظمة الحليفة لها. ولا صبيانية بعض أعضاء مجلس الأمن الدولي في إجبار حزب الله على إطلاق سراح الجنديين, واضطرت حكومة أولمرت أن تقلع شوكها بيديها, والقناعة لديها أن الوقت تغيير وسيتغير أكثر وأكثر, ولن يعد بعد اليوم في صالحها. وأن دعم حلفائها و الادارة الأميركية, لن يكون بعد الآن أكثر من صخب وضجيج أطفال الشارع حين يمارسون لهوهم في الأزقة.
- وتحرير سمير القنطار جاء صفعة لكل من عقد معاهدات سلام مع إسرائيل: فلبنان حرر أسراه وطوى هذه الصفحة مع العدو الصهيوني , بينما لم تفلح هذه الأنظمة في حل هذا الموضوع مع إسرائيل. رغم ما وقع فيما بينهم من معاهدات واتفاقيات ,وإقامة علاقات دبلوماسية وتبادل سفراء وتطبيع وزيارات.
- ويوم الرضوان دحض كل إتهام يفبركه الخونة والعملاء ضد حزب الله: فحزب الله حرر أسرى عرب وغير عرب مع أسراه من اللبنانيين. ومعظمهم من أحزاب وتنظيمات أخرى لا علاقة لها بحزب الله.
- وفي يوم الرضوان هرولت الموالاة لتسبق المعارضة في استقبال الأسرى المحررون. وبذلك اجتمعت قوى الموالاة والمعارضة وتلاقت وتبادلت أطراف الحديث بعد قطيعة دامت أكثر من ثلاثة أعوام. وهذا إقرار ممن يعادي قوى المقاومة بأنه خاطئ في فهمه ونهجه وسلوكه, وعاق لوطنه, وضال أو مضلل على ما سار أو يسير عليه. فالمقاومة وسلاحها عامل قوة وحوار, وشرط للحفاظ على الهوية الوطنية.
- وفي يوم الرضوان سقطت كثير من المقولات : حيث ثبت أن قوة لبنان في مقاومته لا في ضعفه, وضمان استقلال لبنان بالحفاظ على مقاومته لا بالتحالف مع القوى الكبرى والتكتلات الدولية والإقليمية. وتحرير الأسرى وتراب الوطن, يتم بجهود فصائل المقاومة, لا بانتظار صدور قرارات دولية لن تسمح الإدارات الأمريكية وقوى الاستعمار لها أن ترى النور, والعلاقات المميزة مع سوريا إنما هي تعبيرا عن أواصر القربى ووشائج الرحم بين المواطنين في كل من البلدين. ودور ومستقبل لبنان إنما يتحدد من خلال انصهار لبنان في محيطه, والتفاف بنيه حول فصائل المقاومة الوطنية, لا إلى ما يلجأ إليه البعض, من جثوا على أقدام المستعمرين والغزاة بذل ما بعده ذل. فالنفس البشرية طبعت على احترام وتقدير الرجال والأبطال والشجعان, والاستهزاء بالجبناء وأنصاف الرجال.واحترام دولة ما يكون بمدى عزيمة ونضال جماهيرها على صون وحدتها الوطنية واستقلال وطنها, وتنمية روح النضال والمقاومة والصمود في نفوس الأبناء لا على تسول المنح والقروض والمساعدات.
- وفي يوم الرضوان ترسخت قناعة بأن المقاومة هي الأمل والخلاص: ففي هذا اليوم ثبت بأن ما حققته المقاومة عجزت عن تحقيقه الأنظمة والحكومات وأمول النفط وجامعة عمرو موسى, والعلاقات الحميمية لبعض الدول العربية والإسلامية مع الادارة الأمريكية,وعلاقتهم العلنية والخفية مع إسرائيل.
- وفي هذا اليوم دخل العدو الصهيوني بمجتمعه وحكومته ومؤسساته وحتى مع حلفائه بمهاترات: حيث بات المراقب يلحظ بوضوح حجم الشروخ والتصدعات التي سببتها هزيمة إسرائيل عام 2006م للمجتمع الإسرائيلي, ولكافة بنى ومؤسسات الكيان الصهيوني, وحجم الشقاق والخلاف بين إسرائيل وحلفائها, بما فيهم حليفتها الإستراتيجية. والتي جهد العدو الصهيوني وحلفائه على إخفائها والتستر عليها. والتي راحت تكشفها التصريحات .والتي يلقي كل منهم فيها باللوم على الآخر.وباتوا كمجانين في حمام قطع عنه الماء. فهذا يعتبر إطلاق سراح سمير القنطار خطأ وجريمة, وذاك يعتبرها هزيمة, و آخر يرى فيه انتصار. وكلهم يصبون جام غضبهم على حزب الله وسمير القنطار. وهذا بعض منها:
- فالرئيس شمعون بيريز يقول: أن الانتصار المعنوي الكبير هو لإسرائيل. في حين يكذبه الآخرون ومنهم أريئيل أتياس حين قال: أنه يوم حزين وقاس للأمة الإسرائيلية. ويؤيده في ذلك تساحي هانفبي رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست حين قال: ليس من بلد في العالم يجيز استبدال الإرهابيين بالجثث,إنه نذير ضعف من جهتنا, وكشفت عن ضعف القيادات الإسرائيلية والمجتمع الإسرائيلي.
- والناطق الرسمي لأولمرت مارك ريغيف يقول: سمير القنطار قاتل أطفال همجي وكل من يحتفل به كبطل يدوس الأخلاقيات الإنسانية الأساسية. بينما يتجاهل عشرات الألوف من أطفال فلسطين ولبنان وسوريا ومصر, والذين سحقتهم طائرات وقنابل وصواريخ بلاده وقنابلها العنقودية, ناهيك عن مجازر آبائه وأقرانه في فلسطين من عام 1948م وحتى الآن. ومنها مجازر دير ياسين وقانا 1 وقانا 2 ومدن الضفة وغزة ومخيم جنين, والقائمة نطول.
- وأسحق هرتزوغ وزير الشؤون الاجتماعية يقول :احتفالات لبنان بعودة قاتل حقير سحق جمجمة فتاة في الرابعة ,يكشف الفارق في القيم بين إسرائيل ولبنان. بينما يتجاهل أن إسرائيل هي من تكرم القتلة والمجرمين وتنصبهم وزراء ورؤساء دولة وحكومة, كبيرس وشامير ودايان وشارون وباراك وموفاز. وأن الحقراء هم حكام إسرائيل الملطخ تاريخهم بالدماء.
- وجدعون عزرا وزير البيئة يقول: آمل أن يدرك العالم طبيعة العدو الذي نتعامل معه,إنه عدو وحشي يعذب عائلات جنودنا , ولكن علينا إعادتهم إلى الوطن أيا يكن الثمن, وهذا ما فعلناه. وهذا الإرهابي يتجاهل كم خربت بلاده بيئة الأراضي العربية باعتداءاتها الهمجية والتي استخدمت فيها الأسلحة المحرمة, وكم عانت الأسر العربية من همجية كيانه الصهيوني والتي جميعها جرائم حرب وأعمال إرهابية.
- وبنيامين نتنياهو يدلي بدلوه ويقول: ويل لشعب تحتفل عصابات فيه بإطلاق سراح قاتل. وهذا الإرهابي يتجاهل ما فعلته عصابة أرسلها بأمر منه لاغتيال خالد مشعل في عمان.
- وحاخام كريات موتسكين ديفيد دور كمان بعدما التقى أسرة وذوي ريغيف في منزلهم قال: أنه اليوم الأكثر سواد, لا أتمنى ذلك لألد أعدائي,إنها نهاية مأسوية.وكم هو هذا الحاخام منافق وكذاب ودجال ,وهو يعلم أن ما تقوم به حكومته من إجرام وإرهاب بات على كل شفة ولسان.
- وعامي أيالون وزير دولة في حكومة أولمرت يقول: أنه يوم حزين لكل البلاد ,لكن استعادة رفات الجنديين تثير ارتياحا لدينا,إنها مسؤوليتنا الأخلاقية حيال الجنود الذين نرسلهم للقتال.
- ووزير الحرب باراك, قال في تشييع الجنديين إيهود غولد فاسر والدادا ريغيف: إسرائيل تشعر بحسرة بالغة ودفعت ثمنا فادحا بإفراجها عن خمسة مقاتلين شاركوا في هجمات قاتلة على إسرائيليين في مقابل جثتين أعيدتا في نعشين أسودين . وقال أيضا : هذا هو الزمان والمكان للقول إننا لم ولن نتوقف في المستقبل أيضا عن بذل جهود من أجل إعادة جلعاد شاليط سالما معافى إلى البلاد. وهذا المجرم يتباهى بأنه قتل من العرب أكثر من غيره.
- وعاموس جلعاد رئيس الدائرة السياسية والأمنية في وزارة الدفاع يقول: الاستخبارات الإسرائيلية قامت بعمل رائع ,ولكن توجب إقرار الصفقة لإقناع عائلتي الجنديين الأسيرين بأنهما ميتان. ويتجاهل هذا الأحمق والمجرم أن عشرات الآلاف من العائلات العربية, مازالت تجهل مصير أبنائها المعتقلين أو المختطفين من قبل جنوده وأجهزة أمنه المجرمون.
- وفي هذا اليوم افتضح الدور المشبوه لليبراليين وبعض الأنظمة وفصائل المعارضة والموالاة: وخاصة حين تعمدوا عدم تغطية عملية إطلاق الأسرى في وسائط الإعلام. كي لا يجرحوا مشاعر الإسرائيليين والمحافظين الجدد وإدارة الرئيس جورج بوش وصقورها. أو حين استمروا في عهرهم بمهاجمة سلاح حزب الله وفصائل المقاومة. أو حين يؤولون الحدث على انه صفقة مشبوهة مع إيران. وكم هو مكر وخديعة ونفاق حين يحصرون دفاعهم عن الخونة والعملاء, بعد أن يلحقوا معهم من هو معتقل من سلطات بلاده للتمويه والخداع, ولا يشملون من تعتقلهم إسرائيل والإدارة الأمريكية وقوى الاستعمار.
- وهذا اليوم المجيد هو من أجبر إسرائيل على إطلاق سراح بعض الأسرى والمعتقلين : فإسرائيل باتت هي ومحمود عباس والأنظمة التي وقعت معها اتفاقيات سلام في حرج كبير. وخاصة حين أهملت هذه الأنظمة وأبو مازن موضوع الأسرى والمعتقلين وجثامين الشهداء. ولحفظ ماء وجه هؤلاء, قررت إسرائيل أن تطلق سراح عدد ضئيل. والفضل حتى في ذلك للسيد حسن نصر الله حفظه الله ورعاه.
عندما ألتحق البطل سمير القنطار عميد الأسرى بمنظمة فدائية فلسطينية كان عمره لا يتجاوز الرابعة عشر من عمره. وحين قرر أن يشارك بعملية أسمها جمال عبد الناصر للإنتقام من عدو صهيوني داس كل المحرمات, لم يكن سمير قد أتم السادسة عشرة من عمره, وكان قد مر على وفاة الرئيس جمل عبد الناصر ثماني سنوات. وحين استشهدت عروس الجنوب سناء محيدلي بتاريخ 9/5/1985م لم تكن قد تجاوزت السابعة عشر ربيعا من العمر, فولادتها كما هو مدون في السجلات الرسمية ,صيدا 14/8/1985م. لكن هؤلاء الأبطال اكتووا بنار العدوان الإسرائيلي, والعهر الأميركي , وازدواجية المعايير, والإرهاب المبرمج لآلتي الحرب الأميركية والإسرائيلية. ثم الأسير هاني بدوي جابر الذي اعتقلته إسرائيل عام 1985م وعمره 22 عام وزوجته حامل, وحكمت عليه بالمؤبد بجرم انتمائه لحركة الجهاد الإسلامي . وولدت زوجته بنتا , وتزوجت البنت وهي لا تعرف أباها إلا من خلال الصورة فقط. ثم من ينسى الشهيدة دلال المغربي وغالية فرحات , والأسير يحيى سكاف؟ ولا حاجة لذكر باقي المعتقلين الذين يربوا عددهم حاليا عن ال12000 أسير ومعتقل وبعض منهم أطفال رضع وخدج. ناهيك عن مئات الألوف من المعتقلين في العراق, وأكثر من مليون عراقي قتلوا على أيدي قوات الاحتلال الأمريكي.
حين نفذ المقاومون الأبطال كسمير القنطار ورفاقه عملياتهم الفدائية, كان لبنان منقسم إلى قسمان يتناحران ويتحاوران بالسلاح والنار. قسم يعتبر الوجود الفلسطيني وسلاحه خطر عليه, وأنه سلاح غير لبناني .وقسم يصر على عروبة لبنان ويقف مع المقاومة الفلسطينية لتحرير فلسطين والمسجد الأقصى ثاني القبلتين.
وحين حررا من أسرهما وجدا لبنان منقسم أيضا إلى قسمان: معارضة وموالاة. قسم يعيد تكرار وتقمص دور الانعزاليين الأول وعلى نحو أسوأ, حين راح يعتبر حتى سلاح المقاومة اللبنانية و حزب الله خطر عليه, ويطالب بتفكيكها ونزع سلاحها, وهذا القسم يضم زعماء ورموز نفس القسم الأول الذي أشعل الحرب الأهلية وراح يقتل على الهوية ويخرب ويدمر لبنان بحجة حماية أستقلال لبنان ووحدة أراضيه. وقسم يعتبر المقاومة ضرورية لحماية لبنان والحفاظ على عروبة واستقلال لبنان وحمايته من مطامع الأعداء. مع فارق واحد في الحالة الثانية, أن القسمين اتفقا وشاركا معا وتوحدا على استقبال وتكريم الأسرى وأستقبال الجثامين الطاهرة واحترام وطنيتهم بحفاوة قل لها نظير. ليشاركوا العرب واللبنانيين والأحرار فرحة هذا العرس الكبير. وتكريم الجميع وخاصة البطل عميد الأسرى سمير القنطار وصحبه الكرام الميامين. وهذه إدانة لفريق الموالاة من نفس فريق الموالاة حين صفق مع العالم والعرب مسيحيين ومسلمين ومختلف الأعراق والجنسيات والقوميات. لقوى المقاومة ولحزب الله, على تحريرهم جنوب لبنان وهزيمة إسرائيل, وتحرير الأسرى وجثامين الشهداء الأبرار والأطهار.
مهما قيل وسيقال عن هذا اليوم المجيد فإننا نلخص باختصار ما بدا جليا لكل عين لم تصاب بالعمى أو الرمد:
- استطاعت قوى المقاومة الوطنية المدعومة من سوريا بفضل نضال نصف قرن, أن تفكك إسرائيل, وتدحر جيشها , وتدفع بالمجتمع الإسرائيلي إلى أزمة عميقة ومستعصية الحل.
- واستطاعت قوى المقاومة أن تستنهض الشعب العربي وبقية الشعوب والوطنيين والأحرار لرفع وتيرة النضال, والاستمرار بالمقاومة, وأعتبارها الطريق والحل لما تعانيه الشعوب.
- ويلاحظ التفاف الأحرار والوطنيين والعرب حول المقاومة بوتيرة أكبر بكثير من ذي قبل.
- وافتضح الدور المشبوه لبعض الأنظمة والقوى, والتي تصر على نزع سلاح المقاومة.
- وأن صمود سوريا وفصائل المقاومة, أسقط المشروع الأمريكي , وسقط معه بوش وأولمرت.
وكم هو سمير القنطار بطل ومناضل كبير. وهو يصر رغم ما عاناه من بطش العدو الصهيوني, على أن يستمر في النضال والمقاومة ضد العدو الصهيوني حتى تحرير كامل التراب اللبناني, وإحقاق الحقوق المشروعة للشعب العربي الفلسطيني.أو أن يظفر بالشهادة وهو راض عن نهجه, وربه عنه راض. فثلاثون عاما من السجن والتعذيب, لم تهن في عزيمته, ولم تزحزحه قيد أنملة عن إيمانه بسلوك درب المقاومة والنضال, حتى تحرير كامل الأرض المغتصبة والانتصار لبني جلدته الذين سامهم العدو سوء العذاب. ويؤكد على أن سوريا بشعبها وقيادتها كانت ومازالت الحاضن والحامي لقوى المقاومة الوطنية, والملاذ لكل الأحرار والوطنيين.فالعدو لا يفهم سوى لغة القوة. وتحرير الأرض والحفاظ على الوحدة الوطنية والاستقلال لا يكون إلا بالمقاومة. وأن من يقول غير ذلك, فهو إما مخطأ وضال, أو خائن وعميل. والرئيس جمال عبد الناصر الذي ودعنا وودعناه. لكن أرثه الغني باق وسوف يبقى. وأنه لن ينسى كيف أن سجانيه دفنوا قطة وهي حية, وكل جريمتها أن الأسرى العرب في السجن كانوا يتبادلون الرسائل من خلالها.فالمقاومة ليست مهنة, ولاهي ترف, ولا هي فلسفة موت وأنتحار. وإنما هي مناعة شعب ضد مختلف الأخطار, كما هي المناعة التي حباها الله لجسم الإنسان ضد مختلف الأوبئة والأمراض. وكم هو غبي وأحمق ذاك الذي يسعى لهتك هذه المناعة أو إلغائها ,لأنه يراها خطرا عليه!!!!!
وكم هو مبدع وفيلسوف ومؤمن البطل سمير القنطار حين ودعنا وهو مازال على مقاعد الدراسة في مدرسة بلدته, ليلتحق بالمقاومة ولم يكمل دراسته بعد. وعاد إلينا بعد غياب ثلاثون عاما, وقد أتم تحصيله الجامعي في مدارس ومعاهد وجامعات العدو, وهو أكثر إيمانا وعزما على سلوك نهج المقاومة رغم كل الأخطار.
الخميس: 21/ 8/2008م العميد المتقاعد برهان إبراهيم كريم
بريد الإلكتروني: burhank45@yahoo.com
bkburhan@maktoob.com
bkriem@gmail.com