(قِصَّةٌ شِعريَّةٌ قصيرة)
شِعر: أ.د/ عبدالله بن أحمد الفَيفي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تَقُولُ أُمُّهُ لَهُ:
– تَعالَ يا تُوَيْجَ رُوحِيْ،
أَيُّها الوَحْشُ الصَّغِيْرْ!
لا تَقْذِفَنْ حِجارَةً،
فإِنَّنِـيْ مَغْلُوْلَةُ الإِيقاعِ،
غَيْرَ أَنَّ فِـيَّ مِنْكَ زَوْرَقًا مِنَ النَّبِيْذِ،
رَكْبُهُ مِنَ المَلائِكَةْ!
– أَصِيْدُ، إِذْ أَصِيْدُ،
فَقْرِيْ مالِـحًا!
على شَواطِئِ الكَلامِ،
لا مَلامَ أَنْ أَبِيْعَ عِرْضِيَ الطَّوِيْلَ،
في دُجَى اللَّيالي الحالِكَةْ!
– ومِنْ سَقِيْفَةِ الهَوَى/
المِلْحِ الزُّلالِ،
كَمْ أَراكَ نادِرًا؟!
ونادِرًا أَجُرُّ فِيْكَ صَوْتَ رِجْلِـيْ،
تَحْتَ ضَوْءِ ثَوْرَتِـيْ المُبارَكَةْ؟!
– وكَمْ وكَمْ،
يا طاقةَ الحَرِيْرِ،
كَمْ بِطُوْلِ شارِعِ الحَصَى…
أَسِيْرُ فِـيَّ، كالسَّبايا،
إِذْ أَسِيْرُ، شائِكَةْ؟!
– وُلِدْتُ مِنْ طِفْلِـيْ لِتَوِّ ساعَةٍ،
وكُنْتَ دائـمًا مَخاضِيْ عاقِرًا،
وكانَ جِيْرانِـيْ يُرَبُّوْنَ النَّوَىٰ
بِناقَةِ (المُثَقِّبِ العَبْدِيِّ) كُلَّ لَيْلَةٍ،
وكُنْتُ أَنْمُوْ كُلَّ يَوْمٍ نَخْلَةَ (ابنِ يامِنٍ)؛
لِتَسْتَطِيْلَ في هَواكَ هالِكَةْ!
– عَلَيْكَ، طِفْلِـيْ، استَلْقَتِ الأُمُوْمَةُ البِكْرُ،
التي…
يا أَيُّها الطِّفْلُ الرَّضِيْعُ،
بارِدًا وصافِـيًا،
قِماطُ صُبْحِكَ الضَّبابُ بارِدًا وصافِـيًا،
وفاتِكًا عَدَا يَضُمُّ فاتِكَةْ!
– أَ مَرْأَةٌ أَنا؟!
سَأَلتُني:
– أَ مَرْأَةٌ أَنا؟!
– قُلْ: مُرَّةُ الجَنَى!
جَثَتْ مَنْهُوْكَةً،
تَنامُ في زِنْزانَةٍ،
غَدَا مَداها جَمْرَةً،
رَمَى إِلَيها قِطْعَةً مِنْ مالِـها،
وآمِرًا رَمَى بِكِلْمَتَيْنِ:
– «عَنِّيَ اذْهَبِـيْ!»،
لِلا مَكانَ.. لا زَمانَ!
فانْطَلَقْتُ،
والدُّرُوْبُ ضاحِكَةْ!
– أَخْرَجَنِـيْ،
وأَغْلَقَ البابَ بِوَجْهِيْ،
مُطْلِقًا عَلَـيَّ لَعْنَةَ الذُّكُوْرِ لِلْإِناثِ،
لَعْنَةً تَعُوْذُ مِنْ لَظَى لَماها
لَعْنَةُ (البَرامِكَةْ)!
– خَرَجْتُ مِنْ نَفْسِيْ قَصِيًّا،
في ذُهُوْلٍ صامِتٍ،
لم أَسْتَطِعْ وَداعَ جارَتِـيْ،
لَعَلَّها كَظَبْيَةٍ تَحُوْمُ، مِثْلَما أَحُوْمُ،
في حِمَى (كُلَيْبٍ) آخَرٍ!
أَكْرِمْ بِكُمْ،
أَسْيادَنا البَطارِكَةْ!
– غُلِّقَتِ النَّوافِذُ..
الأَبْوَابُ في قُرَى دَمِي،
لٰكِنَّ نَجْمَةً وَحِيْدَةً أَضاءَتْ،
خُضْرَةً ما بَيْنَ قَشٍّ يابِسٍ،
يَخُوْضُ في مَواسِمِ القَحْطِ القَشِيْبِ،
عارِيًا،
مَعارِكَةْ!
– ما هَمَّنِـيْ الجُبُّ السَّحِيْقُ،
قِصَّةُ العُقُوْقِ،
قِصَّةُ الجُحُوْدِ،
قِصَّةُ المَكْرِ الكَبِيْرْ
… … …ـ
ما هَمَّنِـيْ:
والآنَ، يا عُنْقُوْدِيَ المُعَتَّقَ..
المُقَطَّرَ..
الحُلْمَ القَديمَ والأَخِيْرْ!
لا تَقْذِفَنْ حِجارَةً،
فَإِنَّنِـيْ مَلْدُوغَةُ الفُؤَادِ،
غَيْرَ أَنَّ فِـيَّ مِنْكَ-
لا يَزالُ-
زَوْرَقٌ مِنَ النَّبِيْذِ،
رَكْبُهُ مِنَ المَلائكَةْ!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ