مسرحية : المشبك الخشبي

فراس عالم

الغرفة واسعة بلا جدران ، مضاءة بضوء خافت يأتي من اللا مكان  وأشياء كثيرة متناثرة في وسط القاعة .

(1)

يتقدم (س) ، صغير متحفز ، تلتمع نظراته مع الضوء الخافت ، يتلفت حوله ثم يغوص وسط الأكوام المتناثرة يبحث ويبحث .. كتب كثيرة بلا أغلفة ، قصاصات مصفرة من صحف قديمة ، أنصاف وأرباع كتب ، العاب كثيرة ، صغيرة ، مكسرة ، و قديمة .

ملابس ، أوراق ، شهادات ، وأقلام حبر سوداء عتيقة يلقيها جميعاً في اهمال ، ينفض يديه ساخطاً .. ينصرف وهو يهمهم بعبارة غاضبة .

(2)

تتقدم (هـ) نحو الغرفة هزيلة شاحبة ، ورقيقة . عيناها تفيضان وداعة غير عادية

“يبدو أنها أكبر من (س) قليلاً .”

  تتلفت حولها في وجل ثم تقترب من الأكوام في حذر تميل بجسدها ناحية الركن الأكثر ازدحاماً ، تقلب الكتب الكثيرة في لهفة ، تتأمل أحدها في اهتمام ، تحزن على الآخر المبتور ، والثالث الذي بلا عنوان . تنتقي واحداً بعينه أبقاه الدهر سليما لها ، ترفعه أمام وجهها تقرأ اسمه جيداً ، تمسح الغبار الذهبي الذي يكسوه ..ثم تحتضنه في حب . تقوم خارجه والكتاب بين أحضانها …

      لابد أن قلبها يرفرف سعيداً…

(3)

تتقدم (د) ناضجة مهيبة ، أشبه ما تكون ب (هـ) ” ربما هي أمها” ، ترفع شعرها المنسدل على جبهتها تتأمل الغرفة في دهشة ، تتقدم الى حيث الأكوام الكثيرة المتناثرة ، لايعكس وجهها انطباعاً خاصاً “ربما فقط ذلك الانطباع الذي يكسو ربة البيت عندما تكتشف صندوق عاديات مهمل !” .  تنحني الى الأرض تبعثر الأكوام في رتابة ، اهتمامها يتصاعد شيئاً  فشيئاً ، ” هذه تصلح ..لا .. ربما هذه ..لا..لا شيء ..يصلح هنا أبداً ” .

تلتقط مشبك شعر خشبي و دبوساً ذهبياً  – وجدتهما صدفة- و تنهض قائمة ” لا شيء يصلح في هذه الغرفة …لا شيء ” 

(4)

يتقدم (صاد) ، مرتخي الجسم ، ناعس النظرات متآلفاً مع كل شيء هنا

” أروع مكان في العالم ” . هكذا كان يحدث نفسه .

هذا الكتاب ذو الغلاف اللامع – يحبه كثيراً – وهذا وذاك ، وهذه وتلك و ..و.. ولكن يبدو أن أحداً ما عبث بهذه الغرفة . أحد يشبه ابنه (س) او ابنته(هـ) أو حتى زوجته (د) ، شيء ما حدثه بذلك ، يتوقف بتوجس يبحث عن كتاب بعينه .. لايجده . ثمة خطأ ما بكل تأكيد..ثمة خطأ كبير .

  ما كان ينبغي لهم أن يدخلوا هنا .أجل ..إلا هذا المكان ..إنه حصنه الوحيد ” من سمح لهم بالدخول ..من؟”

(5)

يتقلب (صاد)  في فراشه ، حركته تدل على اضطراب ، تستيقظ (د) من جواره

-” ماذا يا (صاد) ؟”

يستيقظ هو فزعاً و يتحسس رأسه عدة مرات

-” ماذا بك؟”. تنظر نحوه بقلق

-“لا شيء” . ينظر لها بارتياب و يعود يتحسس رأسه .

-” هل تشعر بشيء ؟”

يعود برأسه الى الوراء ويتمتم

-” لا .. مجرد حلم ..حلم غريييب “

تعود لتتمدد الى جواره

-” حاول أن تنام “

يفتح عينيه الى أقصى ما يستطيع محدقاً في شعرها المتناثر على الوسادة .

” ترى هل حقاً كانوا يعبثون داخل عقلي ؟”

يصمت قليلاً ثم يجيبه عقله

” كلا انه مجرد حلم ..حلم غريييب “

تعاود عيناه التحديق في شعر (د) المنسدل ويعود ليسأل

” ليكن حلماً غريباً ، ولكن كيف حصلت (د) على هذا ” وأشار الى مشبك خشبي قديم يتوسط شعرها ..!!