مفيد البلداوي
كــتـابي
في عالم ليس يقرأ ..
قلت: سأطبع مليون حتى أوزع فقري على أفقر الناس ِ ،
لكنَّ أفقرَهم كان فقري …
ولم يستطع من ثقوب تزاحم في ضيقها البردُ والخوفُ والحلمُ …
أن يتحمل هذا الغنى \ الفحشَ ،
زادت لدي المنى بالهدايا !!!
فمن أين يدخل للجائعين الكتابُ؟
وكيف له أن يدغدغ أمعاءهم بالبلاغةِ ..!!
أو يرسم الله حلواً لدى الغارقين بألوان أحزانهم
أو لدى القانطينَ …
البلاد التي يخبز الخبزَ خبازُها من دقيق المذلة
لا تشتري كتباً….!!
كيف لي أن أوزع مليون جوعْ؟!
كنت أمشي …
المدينة تلبس عرياً ..
وتنشر أحلامها فوق حبل رفيع من الكذب !
والنائمون يهشون أحلامهم …
والظلام يثخن معطف حزنٍ ،
فأي المسارات أتبع؟
نصف المدينة تشخرُ … عطلها العاطلون ،
فصرت أرتش خيبة مغربها بالتأمّل
منتظراً مثل باقي المجانين أن يطلع الفجر ُ
كي أحتفي باختلاف الخيوط وبوح العصافير ،
لكنها كالتنابلة … الآن نائمة للظهيرة …
رددت أنشودة ال(قمح) ..
حورها الخوف للـ (قمع ) ثم اختفت في الطلوع !!
في يدي عثّة العدِّ لم تنه موالها فنسيت الأصابع
حتى تعلمت فن الإشارة بالعين لكنها لا ترى مثل قلبي ،
تشير إلى عبث وتقول : بلادي !!
إلى بقعة من دم جامدٍ وتقول : دم لدجاجة جدتنا …!!!!
فقّست بيضة التيهان فضلت فراخ الخطيئة ..
ظلت تقطّع أحلامها بالمسافات ،
أو سمّرت في المحطات نسيانها ….
كنت أمشي على عوَق في الأصابع ِ
مندلقاً من زجاجة حزن كعطرٍ يضوع!!
البلاد طهت وجبة السيئات ومدت موائدها للئام ،
وقفت أنا وصديقي \ كتابي
الذي قلت أطبع مليون حتى أذلل أميَة الشرِّ !
أو أزرع الخير في رمل أيامنا …………..
كاد يضغط أحشاءه كي تأدبَ أحشاءها
ويحدثني عن كثير من الوهمِ والسقطاتِ ،
فقلت له : أن رفّاً تعمده غبرةٌ هو أولى بأحلامنا ..
فانطلقنا ندردم …………………..
حتى إذا جئت ناراً وألقيت فيها كثرا من الشعر ِ
قال : الملايين أولى …!!
فقلت : ألم ؟! قال : لي فرصة …!! فانطلقنا ندردم
حتى إذا ما بلغنا عميقاً من النثر ِ
قال: انتشلنا … غريقان في عالم مربَكِ !!!!
ثم أولت : أما القصائد …
فالنار أولى لأن البلاد التي أنجبتها استحالت رماداً ،
وأما العميق من النثر ….
فانظر حواليك … لا عبقر اليوم …
حتى ابن هرمة *
حتى الظلال الثقيلة ،
هذا فراقٌ …وتلك سماواتنا … فانطلقْ !!
وانطلقتُ أعدُّ على سُبحة من جماجم
بعض الحروب التي قتّلتنا …
كحربٍ أتتنا من الماءِ،
أخرى من النارِ،
حربٍ من الأرض ،
حربٍ من الحرب … حربٍ من السلم ،
حربٍ من الله !!
لكننا ما انتهينا ولن ينتهي سلمُنا والخضوعْ !!
السلام على الجوع يحمل آمالنا ويسافر
يبحث عن عمل في البلاد التي لا تشابه أسماءنا
فيجوع هناك …..ويفجؤنا بالرجوعْ !!
مفيد عزيز البلداوي
* أحدهم كان اسمه بن هرمة وكان من أشقياء بغداد أميا لا يعرف أن يفك حرفا ويخافه حتى الولاة فعينه احدهم كاتبا لديه لكي يأمن شره
فقيل في المثل ( حتى بن هرمة صار دفتردار ) كناية لسوء الحال