“مجموعتان في كتاب  “سقوط مردوخ

حسن الخرساني

شعر

ضفاف 2005

إسم الكتاب: سقوط مردوخ

اسم المؤلف: حسن رحيم الخرساني/ العراق

التصنيف: شعر

الناشر: ضفاف

لوحة الغلاف: جواد سليم (شارع الموسيقى).

التصميم والاخراج: ضفافكو

الطبعة: الأولى – 2005

“جميع الحقوق محفوظة للمؤلف”

ضفاف مجلة ثقافية دورية

تعنى بكافة جوانب الابداع

تؤمن أن لا ابداع بلا حرية

          ولا تقدم بلا ابداع

رئيس التحرير:

             وديع العبيدي

المراسلات:

        توجه كافة المراسلات الى رئيس التحرير.

Wadi alobeadi

Mühring 3, 4906 Eberschwang, Austria

e-mail:wadiobeadi@yahoo.com

اهداء

الى كافة المجانين

الذين يَشتمون

الهواء لتورطهم

بالحياة..!

 

بينما طفلة تضجّ بالبكاء

وتلعن الحرب

الحرب

القادمة

من

الجحيم..!

مدخل الى قصيدة الكارثة العراقية

حسن الخرساني و سقوط مردوخ

تقديم: وديع العبيدي

لو عرف الطغاة ما تسفر عنه حروبهم من نصوص وملاحم، لفكّروا ألف مرة قبل أن يقامروا بحياة إنسان!. ففي ظلّ الحرب والطغيان يرتقي كل ضحية إلى نص وملحمة. وكل سطر، بل كل كلمة وفارزة في نص أو ملحمة شاهد إدانة وصرخة احتجاج في وجهه حتى الأبد. حري..! بأولئك المنبشين عن أعداد الضحايا واللاهثين وراء التبرعات المادية الباذخة، أن يرفعوا أيديهم في وجه الظلم، لا المساومة وترويض الضحايا عن حقوقهم العادلة. حري..! بهم مراجعة نصوص الملاحم التي سجلها ضحايا الطغيان وجنود الحرب المغصوبين بدل التباكي على القانون الدولي من أجل انقاذ طاغية أرعن كان حكمه علامة سوداء في تاريخ العالم والانسانية. حري..! بتلك المنظمات الاعتذار لدمائنا وتشققات قلوبنا ولكل نظرة من عيون أطفالنا وامهاتنا، تركوا وحيدين في مواجهة الطغيان والكوارث أو جعلوا أدوات جاهزة لمؤامرات ومخططات دولية واقليمية قذرة. لكل آهة وشهقة ونجوى رفعها كل ضحية من ضحايانا في الحروب أو في الزنازين أو مقابر الصحارى الجماعية. ان أربعين عاماً من تاريخ البعث الدموي أكبر دليل على الاستهتار بالقيم الانسانية وأفضل دليل على غياب المنظمات الحقوقية عن أداء دورها  المزعوم. ووقوفها اليوم.. إلى جانب منظمات ديماغوجية أخرى ليس سوى فضح لأصولها وحقيقة دورها في حماية الاستبداد والمستبدين من ساعة الحق ومنطق العدالة على أيدي ضحاياهم. دعوة، لأولئك المفلسين المتاجرين بالقيم الانسانية لمراجعة ما سطره جنود الحرب العراقيون.. من نصوص إنسانية دموية يائسة، لا تدعي تغيير ناموس التاريخ القائم على الاستبداد والاستلاب، ولكنها قادرة على إدانته وتقريعه، انتقاماً لضياع القيم، ولكل من فقدوا وما  ضاع من حياتها..

يوماً بعد يوم.. وكما أخبرتهم:

المطر هو الطريق إلى القاع

ولمزيد من التعذيب

اقتلعوا شهقتي..

لا شيء

سوى القتلة

وافتراضات تحررت من المشانق

وببطء

ارفعوا ما تبقى من الحزن

ففي هذا العالم

هناك مقبرة في الجبل

لوطن

اسمه العراق..!!                  / “أمشي كي أصلّي”

فطيلة عقود أربعة.. دمّر مشروع القومية الاشتراكية وطننا .. دمّر الانسان والطبيعة والحياة.. ولم يترك حجراً في مكانه، من أقدم أسوار بابل حتى أبعد قرية في الجنوب وقمة من قمم كردستان. وإذا لزم ألمانيا خمسون عاماً، للتخلص من آثار أثني عشر عاماً من حكم القومية الاشتراكية، فكم عاماً يلزم العراق للتخلص من وسخ أربعة عقود. وإذا كان العالم أجمع، قد وقف لدعم الشعب الألماني، فما باله اليوم، يقف مناوئا لحقوق الشعب العراقي ومعاناته، مقامراً بكل شيء من أجل الحصول على حصة أكبر في الكعكة العراقية، مسجلاً بذلك طعنة نجلاء لا تندمل، إلى مستقبل العراق، وإلى قلب الدمقراطية الغربية، ولافتات العروبة والاسلام، الراكضة وراء بورصة الأموال والقمار.

تحت حقيبة

تضج بالانفجار

والنكات

ذوات الأحذية المهذبة

-الوطن كلام من مصابيح-

الوطن

عطش غائب

لا يعرفه إلا المفلسون

أصحاب المذاق

باتجاه الفصول..

الوطن أسئلة وممنوعات

أسئلة فوق مائدة الرأس..

ماذا تبقى من السماء

بعدما شرب البحر سواد العيون..؟؟

ماذا تبقى من الملح

ولنا خيمة معلّقة.. خيمة

تمطر الفشل..؟؟                              24/ “مذاق لمائدة معلّقة”

                       *               *              *

والشاعر حسن الخرساني هو أحد شهود عصره، وأحد ضحايا القمار الدولي على العراق وأبنائه، أحفاد جلجامش الأب. أحد الشهود الذين أنطقتهم كوارث وطنهم وأضافت إلى سنواتهم أعماراً من المآسي والدسائس. عاش في ظل الطغيان وارهاب الدولة، قبل أن ينتقل للمنفى، ويجد الارهاب الدولي في كل مكان.  

قصيدة الخرساني صعبة، معقدة، مركبة، لا تسلم نفسها بسهولة، ولن يقترب منها النقاد. وسوف يمضي كثير وقت، لتبلغ به شاطئ الشهرة. ولكن لا خيار للشاعر في اختيار قدره الشعري . كما افتقد ذلك الخيار في قدر حياته وهو يجدها تندفع في جوف الحرب.  جنديا في الصفوف الأمامية، تطوح به رغبات الضباط، وشهوات الكارثة. يقول الشاعر: أنه أحسّ ذات  مساء بضيق واكتئاب في وحدته العسكرية قرب مندلي، ترك على إثرها الوحدة، وعندما وصل المدينة القريبة راح يستعيد صور الحياة ويستنشق هواء الحرية، قبل أن  يعود ويجد أن الضابط المسؤول قد طلبه، وحين سأله أين كان، أجابه: ذهبت الى المدينة!. فنظر اليه الضابط بحنق وسأله: وكيف تقولها هكذا وبكل بساطة؟.. فأقسم الشاعر أنه فعلاً ذهب الى المدينة؟.. عندها تراجع الضابط الى قليل من التفهم وقال: هذا غير صحيح.. عليك أن تعرف ماذا تقول لتنقذ جلدك.. لا أن تذهب الى السجن بقدميك لأنك لا تريد أن تكذب!.. شكلت هذه الحادثة صدمة كبيرة في ضمير الشاعر. فالعسكرة والحرب والحياة عامة، ليست كلمات معجمية مجردة، ولكنها فلسفة لها أصولها وقوانينها القاسية، القادرة على مسخ حيوات وعقليات الكثير من ضحاياها، غير المقتصرين على قوائم الموتى والجرحى. وهنا  لابدّ من التنويه، أن علاقة الشاعر بالحرب، كانت منذ اللحظة الأولى لبدئها، تلك العلاقة المبنية من خليط من مشاعر القلق والرهبة والحيرة والقنوط، ولم يكن الانخراط فيها إّلا تتويجاً لذلك القلق والرهبة والاغتراب، مجرد محاولة جوانية لرؤيتها وكشف سراويلها الداخلية. ذلك الذي سوف يعني الكثير بالمقارنة بمجرد المراقبة أو السماع من الخارج. انه هنا أحد أولئك الذين تتوجه اليهم الأنظار وتنقل عنهم الأحاديث.

في كل زوايا رئتي

كتاب لشهيد

   وخريطة لفنائي..                      26/ مجموعة (قمر ليس للموت)*

في رئتي دُفِن الجميع..                   27/ ن. م.

 أما الأمر الآخر، فهو الخروج من الحرب بعد أن بلغ اليأس من النفوس مبلغاً، جعل من نهاية الحرب واستمرارها أمراً واحداً. فقد تضرر الزرع والضرع، وتعرضت العوائل العراقية إلى عملية ترشيق وتصفية، ثمة عوائل مسحت إلى الأبد من السجلات. اضطراب اقتصادي وفساد إداري وعمالة أجنبية تنخر البلد.

وأنا..

  • في الليل-

أتدحرج إلى الداخل

الداخل وطن أميراته أرامل

جداره إخطبوط صُنِع في USA ..             30-31/ن. م.

نهاية الحرب بهذا المعنى لم تكن سوى انتقالة لمرحلة جديدة في معايشتها. انها مرحلة الكارثة. مرحلة التأمل والاكتشاف والبحث عن رابطة بين خيوط الماضي المنسحقة وخيوط المستقبل المعدوم. الوقوف وجهاً لوجه أمام أهوال الحرب ونتائجها المفزعة، بينما يحاول النظام تصوير الأشياء كأنها في مسارها الطبيعي. وفي ظل انعدام حرية التعبير ووحشية آلته القمعية، لم يكن أمام الضحايا سوى الانكفاء نحو الباطن وترويض الذات على ازدواجية شيزوفرينية، أصبحت جزء من شخصية الانسان العراقي في ظل امتدادات الأنظمة القمعية التي تسلقت كاهله.

أفكر في ماء أبيض

أغسل فيه وطني..             26/ ن.م.

وهو القول الذي عاد بوضوح أكثر في (سقوط مردوخ):

البحر المتوسط (الأبيض) يضحك

تدغدغه بوارج أمريكا

أمريكا نهر

لا بدّ لنا أن نغسل قادتنا

والكرسي أيضاً…               

 لكن للكبت النفسي والفكري والعذاب الروحي حدوداً. نهايتها الجنون أو الخلاص. الخلاص بالموت أو النفاذ. فلا غرو أن يكون ضحايا الحروب هم النسبة الغالبة في جيوش المنفى، بحثاً عن لحظة الهدوء والتخلي أو محاولة حقيقية لفهم ما يجري. وبالفعل كان الخروج تجربة مضافة لكل العراقيين. ليس في فهم مهازل البعث الكارثية، وانما في كشف شعاراته القومية السقيمة التي غلّقت كل الأبواب في وجوه حراس البوابة الشرقية!. فالخروج من الوطن كان المرحلة الرابعة في علاقة الشاعر بالكارثة.  وثمة.. فقد خاب المسعى وعزت الوسيلة. ولم يعد الاستمرار في التنقل والحياة غير قيمة مضافة على صعد المعاناة والتجارب الصعبة. ولم يخطر لأية جهة دولية أو عربية، النظر إلى العراقيين كضحايا حروب ومجازر بشرية. رفضتهم البلدان العربية والمسلمة، واستقبلتهم الأنظمة الغربية كأيدي عاملة رخيصة تبحث عن حياة أفضل. هذا التلخيص القسري لمأساة الانسان العراقي ليس سوى إضاءة بسيطة لفهم الشعرية العراقية الجديدة وتلمس طريق الدخول في متاهاتها.

 رأسي الذي توزّع

كان بقايا حرب تتناسخ..         / مج. قمر ليس للموت

القصيدة الجديدة بهذا المعنى هي نتاج تراكمي لتاريخ مكبوت من المشاعر والأفكار والهواجس. يمكن تأشير ظاهرتين في الشعرية الجديدة: غزارة في الانتاج، أو زهد فيه. قصائد مطولة أو قصيرة أو مجرد إشراقات لا تتعدى السطر والسطرين. وما يقال في الشعر يصح في القصة وغيرها. ان طول القصيدة ومستوى التكثيف والتقنية المستخدمة فيها، تعود إلى طبيعة تجربة الشاعر من جهة، وطريقة ومستوى تفاعله مع الكارثة وتعامله مع النص، الذي سوف يبدو في هذه الحال نوعاً من إعادة إنتاج الماضي لاطلاق الحكم عليه، أو إدانته وإعدامه من ذاكرة الشاعر. الكتابة بمعنى المراجعة وحكم التفريغ الفكري والشعوري بحثاً عن لحظة الطمأنينة ونقطة التوازن الجديدة مع العالم وتوقيعا ً لاتفاقية جديدة مع الحياة. ان منع تلك المشاعر والأفكار من الانبجاس هو بمثابة اعدام صاحبها. وهو ما يصح كذلك في محاولات تجاهل أو تغييب النصوص وأصحابها كما لو أنها جزء من تراث مرحلة حكمها النسيان.   

في الثمانينيات كتب الشاعر مقطوعاته الشعرية الأولى، وهي من القريض المحكم شديد التكثيف. تنبّأ له أساتذته بمستقبل واعد. ولكن حسن الخرساني مقل إلى درجة تبعث الألم. مقل في الكتابة، ونصوصه قصيرة النفس. لكن ما يشفع له قدرته المذهلة في التكثيف، التي تتيح له قول أشياء كثيرة في سطور قليلة. ولذلك يجد نفسه عاطلاً عن الكتابة. تقنيته الشعرية تعتمد الاستبطان. يتركها تغلي في وعيه الباطن مدة طويلة قبل ان تجد الهماز الذي يفتح ثغرة في جهازه السمبثاوي للاندلاق نحو الخارج. الهماز هو صمام الأمان الذي يوازن احتقاناته الداخلية. ان درجة التكثيف العالية في النص هي نتيجة لطول مدة الغليان الداخلي. والشاعر كائن تعلّم أن يعيش مع نفسه. أو داخل نفسه. والكتاب كلهم انطوائيون وميالون للعزلة، بدرجات متفاوتة. ذلك ما يجعلهم جميلي المعشر.  والكلمات لا تستهلك نفسها لديهم. وعندما يستخدمونها يمنحونها مذاقاً آخر، غير المذاق اليومي الذي اعتاده الناس. جزء من امتياز الشاعر.  هذا الغليان الداخلي الطويل نسبياً والقصير النفس في تعرضه للخارج، ترك بصماته العميقة على قصيدة الخرساني. وبالتالي.. جعلها.. أو جعل الكلمة الشعرية لديه تبدو مثل هزة أرضية. أو زلزال. انها كلمة صاعقة. صادمة أحيانا. ولكنها قد تبدو متشظية أيضاً بشكل يجعل المعنى فيها باهتاً. لكن مدمن قراءة قصائده سوف يجدها واضحة المآرب والمشارب، عندما تتحول القراءة الشعرية، وليس الكتابة فقط، إلى لحظة صوفية تذوب فيها ذات الشخص داخل الكلمة وتتماهى مع النص ويتحد الشاعر والقارئ في آن. 

تعتمد قصيدة الخرساني من حيث البناء على تداعي الصور، وصوره قصيرة غالباً، تتلخص في سطر أو سطرين، أو في كلمة واحدة أو كلمتين. ويبذل الشاعر جهداً بليغاً لايقاع مفردة، أي وضعها على الورقة. ذلك يجعل سطوره قليلة الكلمات، وقصيدته محدودة السطور. المفردة التي يتخيرها شديدة الوقع، سواء في مبناها أو موقعها الغرائبي في الجملة. ويمكن ملاحظة ذلك على خير وجه لدى الاستماع إلى القاء الشاعر. تأكيده على مخارج الحروف والاشباع النفسي من خلال الالحاح والضغط لدى كل صوت. انه يعتبر الكلمة وحدة بنائية رئيسية، تحل محل الصورة أحياناً. أو تتوسط السطر الشعري لوحدها. وتراصفها داخل السطر لا ينبغي أن يوحي أو يعني صلة لغوية أو نحوية. ان الدلالة الاشارية هي مبرر وجودها، أما اللغة والنحو فلا تشغل بال القصيدة، طالما سعت لتجسيد المعنى أو اللحظة الشعورية..

تمرين في القراءة 

“قصيدة مذاق لمائدة معلّقة”/ص24-25

تحت حقيبة..

المفردة/ الأداة هنا مادية، يمثلها الشاعر بكلمة “حقيبة” وقد جعلها (نكرة)، والشاعر يكره (أل التعريف) عموماً مثل كثيرين من جيله. مما يعكس موقفاً وجودياً ً وفلسفيا “لأن الأشياء في عمومها لم تعد كلية البعد”**. ولكنه لا يبتدئ بها مجردة، بل ظرفية متصلة بالمكان. على افتراض أن الصورة الشعرية تولد في مخيلة الشاعر قبل تسجيلها على البياض. ولكنه لم يستطع تبين ما كان بجانبها أو فوقها، يمكن مطابقة اللحظة الشعرية بالرؤيا (الحلم) إذ تتراءى للحالم مشخصات محددة مقطوعة عن النسيج العام، فيرى شخصاً ضمن حشد، بالرؤية الحسية ولكنه لا يرى الحشد أو تفاصيله- وقد تجلى موضع الحقيبة – تحت- شيء ما، ليس مرئياً أو لا يذكره تحديداً، في هذه الحال يترك الشاعر للقارئ المشاركة في الكتابة (التأويلية) كأن يعتبر أنها تحت منضدة أو أريكة.

في السطر الثاني يعبر عن شعور حدسي بماهية الحقيبة أو ما يمكن أن يكون داخلها،

تضج بالانفجار

فهي إذن حقيبة مفخخة كما في أفلام المآفيات.. بيد أن الشاعر لن يترك المعنى سائباً من خلال تجميع أجزاء الصورة المتناثرة في القصيدة.. وسيكون من المجحف  لكل نص اطلاق معناه عبر مقطع صغير واحد..

ما يزال الشاعر عند الحقيبة منتقلاً من طرف المكان إلى تفاصيلها الداخلية، ليضيف إليها رمزاً جديداً، أكثر غرائبية وصدمة من المتفجرات وتقاطعا معها.. فهي مزدحمة بالمواد المفرقعة و..

والنكات

ان الصورة الغرائبية هنا أكثر ايحاء وحيوية وإثارة، مما لو استخدم مفردة ( النواح) أو (الالام) مما يسفر عن صورة تقليدية مملة.. ثم يتبع الصورة الشعورية بجملة (جار ومجرور ونعت) ليسجل أطول سطر في قصيدته حتى الآن..

ذوات الأحذية المهذبة

وشبه الجملة من – الجار والمجرور والنعت- في محل جرّ نعت للنكات. هذه النكات ترتدي احذية دبلوماسية مهذبة، لا يعتورها غبار. فالنكتة – الشعرية- ليست  النكتة -التقليدية السمجة- التي لا يتعدى مغزاها الاضحاك الفارغ. ان النكتة هنا هي في طبيعة تشكيل الصورة التي يفترض أنها اتضحت للقارئ. ثمة حقيبة محشوة بالمتفجرات تعود لأشخاص (حسب عدد الأحذية) يعملون في سلك دبلوماسي، هل يكفي هذا ليكون أمراً باعثاً على النكتة. من طبيعة العمق الشعري غير المنظور في الما قبل والما بعد إضفاء عناصر مستمرة تزيد من غنى اللوحة الشعرية، هذا جانب، أما الآخر، فهو عدم نزول القصيدة من العدم. ان كل نص شعري أو فني وثيق الصلة بحيثية تاريخية دالة على زمان ومكان معين. وفي النص عراقثمانيني فان الاشارة الواضحة هنا، عند الانتقال من النص إلى الواقع، في صورة الحقائب الدبلوماسية، صفة الحقائب الدبلوماسية هنا أنها مستثناة من اجراءات الفحص والوزن والتفتيش، حقائب تخرج من النظام محملة بالأموال والأسرار، وتعود محشوة بالمتفجرات ( المضحكة). قد تكون غاز الخردل الذي تم تجريبه في حلبجة مما يهيج القصبات التنفسية فيبدو المصابون به كأنهم يضحكون حتى يقعوا هامدين، وقد تكون قطع غيار المفاعل الذري العراقي الذي جمعه وكلاء النظام من الأسواق السوداء العالمية، أو ربما، بالعودة إلى تاريخ القصيدة، هذه القنابل وهدايا الموت التي تتوزع مدن العراق وحافات شوارعه ومدارسه وكنائسه بعد قلع الدكتاتورية لتستكمل مشروع قتل العراقيين الذي بدأه نظام القومية الاشتراكية العربية في العراق ولا يريد أن يترك لنفسه لحظة ندم. قد يكون ثمة تحميل أو مبالغة في تصوير حالة بهذا الحجم في مجرد ثمانية كلمات (عادية). لكن هذه القراءة لا تعني غلق الطريق أمام قراءة أو قراءات أخرى قد تكون مغايرة وقد ينسف بعضها البعض، إذا لاحها شيء من محتويات تلك الحقيبة. لكن الأمر لم ينته بعد. ولايفاء النص/ الشاعر حقه من المعنى لا بد من العودة إلى طرف المكان الذي استهل به النص. (تحت). والتي تحمل دالة رئيسية هنا، وهي دالة إشارية على (السريّة)، التي تمت بها وتتم هذه الممارسة النضالية الثورية. ان علاقات النظام البائد الواسعة عربياً وعالميا، رسميا وشعبياً، لم تستند إلى شعبيته ومصداقيته، فالشعبية والمصداقية يؤكدها وضعه الداخلي ونظرة العراقيين الشزرة إليه، ولو استطاع كسب هذا التأييد الشعبي في الداخل لما لزمه شراء ذمم المنظمات والشخصيات الدولية والعربية من سياسيين وتجار وأدباء وفنانين، أغدق عليهم، حتى انكشفت جيفة لهاثهم وراء كلمات جوفاء ودعوات مدانة رسمت الحدّ الفاصل بينهم وبين إرادة الشعب العراقي. وليس من غرض هذه القراءة درج قوائم المرتزقة والعملاء المنتشرين في العالم. ما يهم هنا هو صفة الصفقات السرية التي يعقدها أفراد الحكومة وسفاراته في الخارج مما انكشف في الدعوات والسياسات التي تلت سقوطه المخزي.

-الوطن كلام من مصابيح-

عبارة يضعها الشاعر بين خطين اعتراضيين. ويعني أمرين، الأول أنه مقول قول:عمل النظام على تكريسه وتخدير الجماهير به. يمثل هذا القول تعريفاً لمفهوم أو ماهية الوطن. والتعريف هذا يتكون من جزئين:

الوطن كلام

الثقافة العربية عموماً ليست ماديّة، في قواعدها أو أدواتها أو غاياتها، لا ترتبط بأرض ولا تقيم اعتباراً للانسان وليست غايتها تحقيق مستقبل اقتصادي سياسي مزدهر. وفكر البعث ورجاله جزء من هذه الثقافة. ولذا، فالوطن، في عرفهم، هذا عراق جلجامش وحمورابي وسنحاريب ، برافديه وسهوله وجباله، وبكل مكوناته التاريخية والاجتماعية والحضارية، العراق = كلام. وعلى العراقيين أن يشبعوا من هذا الكلام ويقوتوا به أنفسهم إزاء نوائب الدهر. وما يصحّ في الوضع العراقي لا يعني أنه لا يطابق بلاد العرب الأخرى. فعلى مدى الأربعين عاماً من حكم القومية الاشتراكية لم ينل أبناء البلد غير الكلام والشعارات والوعود جزاء الدماء والتضحيات والجهود المبذولة من أجل حياة حرة كريمة. ان الديماغوجية السياسية التي درج عليها هذا النظام الشوفوني لم تتعامل مع الوطن وحده على أنه كلام، بل تعاملت مع كل شيء على أنه مجرد كلام. بهارج. مزوقات لفطية ومحسنات بديعية. قصائد مديح وترضيات وتكسّب وجبر خواطر ومعالجة نفسيات غير سويّة. وما عدا ذلك الشعارات والهتافات والادعاء والفخر واتنابز والحروب اللغوية أو المدافع الاعلامية  التي لو صحّ حرف واحد منها لما انتهت بالنظام العربي للوقوع على وجهه..

لا بدّ لقادتنا

من الاعتصام بحبل أمريكا..

أما أن يكون – الوطن كلام من مصابيح- فذلك تصوير لبريق الشعارات الرنانة التي أسكرت الخيال العربي نصف قرن “أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة”.. والتاريخ المجيد والقادة الأبطال والسياسات الرشيدة، وما ّإلى ذلك.. 

ولا يتركنا الشاعر نتمادى في السكر، فقد وضع العبارة كلها في سطر واحد محاصر؛ ليفجئنا مباشرة بالحقيقة المرّة..

الوطن عطش ..

الوطن غائب..

فكلمة غائب الملتصقة في القصيدة بالعطش، لا معنى لها، وليست نعت للعطش، لأنه بذلك ينسف المعنى أو الصورة الباهرة المتولدة، وانما كلمة (عطش) هي خبر للمبتدأ الساكن لوحده في السطر السابق (الوطن)، و(غائب) هي خبر أيضاً للمبتدأ الذي هو كذلك (الوطن).

وهو يتدرّج في شرح وتعريف ماهية الوطن الذي عرفه وعاشه..

الوطن أسئلة وممنوعات

الوطن أسئلة فوق مائدة الرأس

لا.. ليس وطن الشاعر حدائق ومصابيح ولا أنهار عسل وخمر ولبن، أنه وطن جوع وعطش وخوف.. ويستطرد في وضع النقاط على الحروف وايضاح الشروح.. فيصف عطش الوطن وغيابه بأنه (ليس كلاماً) مرنّماً وانما هو آلام ومعاناة أيام وليالٍ وسنين عجفاء.. ذلك العطش..

لا يعرفه إلا المفلسون

ويصف (المفلسون) بأنهم..

أصحاب المذاق باتجاه الفصول..

لمفردة (المفلس) في المعجم اللغوي البرجوازي أو الارستقراطي الاكليروسي معنى سلبي ذو وقع اجتماعي منفر ومقذع، ويختلف في معناه عن (الفقير و المعدم) نتيجة التفاوت الاجتماعي الطبقي وسوء توزيع الثروة، المفلس في العرف الاجتماعي هي صفة إدانة تلصق بـ(المقامر). ولذلك يتولى الشاعر تحديد أو تفسير هذه الكلمة بأنهم أولئك (أصحاب المذاق) الذين لا يرتضون خبز المذلة والارتزاق المهين الذي تمده البرجوازية المتسلطة على رقاب الوطن وأبنائه.. أولك لا تغيرهم ( الفصول) ولا يتغيرون أمام المساومة والمهادنة.. ذلك الوضع غير المعقول وغير الطبيعي لحالة الوطن (العراقي) يفتح عيون الأطفال على أسئلة وممنوعات وعيب.. تلك الأسئلة التي تبقى في مائدة الرأس مدى الحياة والتاريخ.. و(مائدة الرأس) هنا إحالة على (مائدة المعدة) كناية على الجوع أو تعريف الوطن السابق..

قال الشاعر العربي القديم:

العيس في البيداء يقتلها الظمأ      والماء فوق ظهورها محمول

وأورد الجواهري الكبير ذلك في بيت أبدع..

          أدري بأنك من ألفٍ مضت هدراً    تهـزيـن من حكــم السـلاطــين

تهزين من خصب جنّاتٍ منشّرة     على الضفاف ومن جوع الملايين

وقال السياب الكبير في إنشودة المطر

هل مرّ عام والعراق

ليس فيه جوع ..!

وهي إحدى التيمات الرئيسية في الشعر العراقي للعقدين الأخيرين ومنهم الخرساني حيث يقول في مجموعته الأولى:

إفترضت

رأسي المنفلت من بين أصابعي

            مئذنة

            وأذنت باسم الجوع

              ولا صدى..           25/ قصيدة- نقاط رأس متواصل-

..رؤوسنا خبز للتوهم

ونحن مثل أثداء النور مبعثرون.     40/ مجموعة- قمر ليس للموت-

بعدها يعود الشاعر لتحقيق مفردة (الوطن) في مظانها المتعددة فيتساءل..

ماذا تبقى من السماء

بعدما شرب البحر سواد العيون

ماذا تبقى من الملح

ولنا خيمة معلّقة.. خيمة

تمطر بالفشل..؟

في هذا المقطع.. المتكوّن من تسعة عشر كلمة، يريد الشاعر أن يعاتب الـ (سماء) كمرجعية فيزيائية فيزيقية أو ميتافيزيقية، السماء كمصدر للماء والمطر، أو رمز للرحمة والخلاص. ولنا أن نقارن بين تعبير السياب المباشر قبل نصف قرن (مطر.. مطر..) باستخدام التكرار للتأكيد والتدليل وبين تسعة عشرة كلمة ربطت بين البحر والعيون والخيمة والسواد والملح والدموع، فتكررت كلمة الماء ثلاث مرات من خلال دلالاتها: البحر، العيون، الدموع، وتكررت كلمة السماء ثلاث مرات من خلال دلالاتها: السواد، الخيمة، الملح. وربط كل ذلك النسيج بكلمة واحدة: الفشل. ولم يستخدم كلمة الخيبة أو القنوط، ليترك مساحة للتأمل أو البياض.

– سلاماً للشهيق

لأول وهلة تبدو انتقالة الشاعر من عدم (الماء) إلى تيسّر (الهواء) المجاني نوعاً من الشماتة والتحدي لحكم السماء، (فليس بالماء وحده يحيى الانسان) ولكن بالهواء أيضاً. لا.. أن الصورة هنا أكثر درامية مما يمكن تصوره. لقد رفعت أرض الفراتين موائد من أبنائها إلى شفة السماء بعدما خذلتهم مفردة (الوطن/ الأرض)..

سلاماً للشهيق

الذي اطمئن للموت

يمكن الانتباه هنا إلى دور العامل النفسي واللحظة الانفعالية التي تكتنف الولادة الشعرية.. وذلك من خلال رصد عدد الكلمات والاسطر التي يوظفها الشاعر في التعبير، احتاج كلمتين أو أربعة لتوصيف الوطن، واحتاج ثمانية كلمات لوصف السياسة التصفوية للنظام، وتسعة عشر كلمة للتعبير عن الجوع، واستخدم أربعة كلمات أو كلمة واحدة للتعبير عن الموت. فالموت لا يعرف المجاملة أو التأخر. ولذلك وصف شهقة الموت، فتلك الشهقة قادرة أن تمنح السلام والسكينة التي يعجز كل من الوطن والسماء عن منحها. وعندما يقنط الشاعر منهما.. يهلل للموت والموتى الذين يملأون ذاكرته.. ” تتأملني جثث تحت ثيابي”20/ مجموعته الأولى. فيقول:-

منفيون..

مثل حسرات المحيطات

قلوبهم على حصان الغربة

وأرواحهم تحت ظل شارد..

يحتشدون للانتظار.. وبلا جزر

وفوق خليج ذابل

تقرر أنفاسهم النوم..

قالت الحرب:

انهم قشرة الأرض

لهم دوائر باتجاه المياه

ولسنوات عديدة

كأنهم تفاصيل يوم ممطر.!     16/ كما يعتقد النشيج- قمر ليس للموت.

 

سلاماً للتراب

المنتفخ برغبات الصراخ

سلاماً للشهوات

النائمة من عجز غامض

ثمة لازمة شعبية بين الماء والموت، أكثر من العلاقة بين الماء والحياة في بعدها الفيزيائي، ذلك سقاية الميت في النزع الأخير وسقايته الرمزية الميتافيزيقية بعد الموت بإجراء الماء أو الخمر على تراب القبر أو الدعاء له بالمزن. قطرة الماء الأخيرة في شفة الميت اطفاء لحرائق الشهوات التي عذبته في حياته كما تعذبه في تينك اللحظة. أما وصفها بالعجز الغامض في القصيدة فهو تعبير سوريالي متهكم أكثر منه شيء آخر.. فقد تدرّج الشاعر من الواقع والمنطق والطبيعة إلى أسئلة وممنوعات، جديرة بالتهكم، وليضيف إلى صفات الوطن الذي نعته بالغياب مرة، صفة الغموض..

الوطن

غامض أيضاً..

لأنه يعجز كل الأسئلة والتصورات. ليس للوطن جواب. ولا وجود ولا علاقات.. لوطن ضحاياً تبحث عن أجوبة.. ويستمر الشاعر في تهكمه..

غامض أيضاً..

لذا ما عاد يسمعنا

انه يحاول تبرير غياب الوطن أو غموضه أو عدم تأثره بأبنائه.. القصيدة اخذت مساراً نفسياً وشعرياً آخر.. إذ يقودنا ضمير النون المتصل بفعل السماع في محل نصب، إلى تبرير أو توصيف جديد.. نحن

نحن المبتلين بالعصيان           (لماذا)

تركنا أهداب النخيل

يكحّلها الرصاص..           (السبب!)

ان العجز عن توفير أجوبة منطقية لسؤال محتّم أو تفسير وجود مضبّب، يقود تحت وطأة المعاناة والاحتراق إلى العودة للنفس ومحاولة استنتاج أجوبة منطقية من داخل الذات. والشاعر هنا يصل إلى حالة تقريع الذات وتحميلها مسؤولية الأوضاع التي يعانيها الشخص نفسه.. رغم التحفظ (هنا!) لقوة الاحالة الدينية التي تنسجم مع هكذا خطاب!..

وخطوة.. فخطوة

 تفتح ساقيها للغبار..!!

تركنا

النساء للخريف

ووجوهنا على النوافذ..

للحرب ضحايا كثيرون.. أولهم الحقيقة بالوصف الاعلامي، وأولهم المرأة بالوصف الحقيقي، المرأة والمرأة الأخت والزوجة والبنت، وهي التيمة الأخرى التي استحوذت على مساحات شاسعة من  راهنية الشعرية العراقية

وقد حاول الشاعر استخدام الكناية والمجاز كما يلحظ من تراتبية الصورة، ولكنه يمكن القول أن الشاعر إذا جعل الصورة بين انخيل (المتقدم) والنساء (المتأخرة) إضافة بعد جديد، يؤكد تلاحم الانسان مع الطبيعة عبر الأم، النخلة، من جهة؛ وفي الجانب الثاني الايحاء، أو استحضار صورة الدعاء و الضراعة من خلال مكساج صورة النخيل الباسق (بلا رؤوس!) وبين صورة السيقان المفتوحة، وتأكيد واقع (الفشل!) السابق بحضور (الغبار والخريف) اللذين يكلل كل منهما النخيل والنساء. و (الخريف) كذلك كناية عن الجوع والقحط المنسجم مع جو القصيدة وفكرتها الرئيسية.

ومن أبعاد التراتبية التي وردت في الصورة السابقة، أن النساء تعبير شمولي غير مخصص، تتضمن صورة الأم . وذلك من خلال المكساج الآخر الذي يتولد بين صورة الوداع من جهة والصبح والخبز والرماد وو.. ذي المداليل التراثية الغنية في الذاكرة العراقية. أما أبناء الوطن الميتمون، فقد:

وبلا صبح

مشينا إلى الظلام

صورة الوداع والرحيل القسري (وقع الخريف). الرحيل غير الموجه وغير المخطط نحو المجاهيل والأقدار، هو بمثابة السير في الظلمة، وقد ورد  لدى شاعر آخر بصورة قريبة إذ قال:

إلى أين تمضي بدون عيون

ونحن زرعنا على وجه بغداد أعيننا من سنين

ونحن خلعنا على قلب بغداد

أضلاعنا ّإذ خرجنا                    44/ مجموعة:أغنية الغبار***

لكن الشاعر كعادته في ملاحقة المعنى وإثراء الصورة يستمر في تراكب الصور وربطها ببعضها..

نحمل رائحة الخبز

ورماد انكسار ا لعمر..

مشينا إلى لغة

لن تكون..!

تمتزج صورة التنور والصبح والرماد في ذاكرة الرحيل النوستالجية بيد أن القصيدة القائمة على اللاوطن أو الوطن الذي لا يقدم غير الموت تغفل صورة الخبز وتكتفي بالاشارة إليه من خلال الرائحة. بينما تأتي اللغة الجديدة لتصوير حالة انسجام واندماج العراقي في الوطن الجديد والتي يصفها مبدئياً بأنها (لن تكون.. لن.).

ويمكن اعتبار هذه القصيدة مصداقاً للحالة التي تكتنف العراق منذ هروب النظام الفاشي وتحوله الى مليشيات تواصل سياسته الفاشية في نشر شبح القتل والدمار. والعنوان ” مذاق لمائدة معلّقة” يتضمن دلالات متعددة، بدء بالشهوات المؤجلة والأمل غير المنقطع إلى التعويل على الغيب في تحقيق المعجزة!.

ايضاحات

  • قمر ليس للموت- مجموعة شعرية/ حسن الخرساني- منشورات دار ألواح/ مدريد 2002.
  • عن/ كلمة للدكتور والأديب محسن الرملي.
  • أغنية الغبار- مجموعة شعرية/ وديع العبيدي- مراكش 2000.

القسم الأول:

مجموعة: هبوط مردوخ

قصائد الفترة(2000-2004)

هبوط إضطراري

منكمشاً من جهةِ القلب

وبلا نعاس

أهبط ُ من قميص ِ التراب

إلى جثث ٍ تحملني شاهداً

أو ربّما.. رئة لبلادي..

أتمدّدُ تحت توابيت روحي

مفترضاً أنني قبر

لكل النخيل..

النخيلُ نجوم الفراتين

والصباح ُ غريب ٌ

غريب ٌ كتلك الأفاعي

التي حرّرتني

وباتتْ تعطّلُ نبضي

بما ملكتْْ..

وما ألقمتْها الرمال ُ..!!

أهبط ُ منكمشاً

أداعبُ عصفورة َ الحبّ

وأسجّل ُ:

صمتَ المدينة

وهسهسة َ الآس

وحتماً

سأبني طريقاً يقودُ الدخان َ

إلى ما وراء الحدود..

وحتماً

سأنزلُ للشمس ِ

وأقطفُ قمحي الطليق

لأزرعَ نوراً بحجم انفتاحي

ونوراً لهذا المكان القتيل..

وحتماً كذلك

أدخلُ في الريح ِ حتى النهار

أغلقُ بابَ الحروب

وأفتحُ سرّ المسافة

بين النوارس والحالمين..

أفتحُ جسرَ الكلام ِ

وطاولة ً لهواء الحقول..

أفتح ُ مدناً تصلي

وأخرى تـُطيلُ الدعاء..

وحتماً

أجرجرُ شوقَ القمر

ولونَ الذهول..!!

أركضُ – منفتحاً- كالسماء

أحملُ كلَّ الكواكب

والعيونَ

ومن جهة القلب

تشرقُ بغدادُ

في ثوبها الأبيض

تمسحُ عني التعب

وتنثرُ بسمتـَها في الفضاء

سراجاً

لموتى العرب..!!

                                       

2004

تحت أثداء  الدجلتين

محاصرون بعمق

تؤكدُ النجومُ وبائعو الوطن

دسائسَ الليل..!!

على سكة ٍ

تمارسُ الخسارات ُ

سواتر تستحمُ بالمقابر..

مقابرٌ تنهضُ في الصباح

وتتابعُ حقولَ النخيل..!!

ما الذي جعل أجنحتي رغبة ً للطائرات

ربما لفشل الهواء

أو ربما..

لا عليك َ!!

أيها الوحيد

كولمبس – يمارسُ التثاؤبَ

تحت أثداء الدجلتين

كل هذا..

والصبية ُ المشاكسون

يحلمون َ بالزعامات..

أيها الربّ

سنوات ٌ مبللة ٌ بالرماد

ونحن محاصرون بعمق..

في المساء

نرفع ُ الكفوف

تقاسمُنا الذاكرة ُ الحبلى بالخوف

تنحني لقامتنا الروح ُ..

يسقط ُ الألم ُ

وبلا غبار

نعانقُ التراب َ

ببقايا الطفولة

ونغني: مُحاصَرون

دائماً وبعمق..!!

عطل غائم

أخرجُ من باب ٍ واحد

أشاهد ُ بكائي ملقى على التراب!!

أشاهد ُ

رحيلي يدخلُ

من باب ٍ واحد..

ومن باب ٍ واحد

تمطرُ أنوثة ُ السماء

وتغسلُ وجهي..!!

مذاق لمائدة معلّقة

تحت حقيبة

تضج ُ بالأنفجار

والنكات

ذوات الأحذية المهذبة

  • الوطنُ كلام ٌ من مصابيح-

الوطنُ

عطش ٌ غائب ٌ

لا يعرفه ُ إلا المفلسون

أصحابُ المذاق ِ

بإتجاه  الفصول..

الوطنُ أسئلة ٌ وممنوعات

أسئلة ٌ فوق مائدة ِ الرأس..

ماذا تبقى من السماء

بعدما شربَ البحرُ سواد َ العيون..؟؟

ماذا تبقى من الملح

ولنا خيمة ٌ معلقة ٌ.. خيمة ٌ

تمطرُ الفشل َ..؟؟

سلاماً للشهيق

الذي اطمأنَ للموت

سلاماً للتراب

المنتفخ برغبات الصراخ

سلاماً للشهوات

النائمة من عجزٍ غامض..

الوطن ُ

غامض ٌ أيضاً..!!

لذا عاد ما يسمُعنا

نحن المبتلين بالعصيان

تركنا أهدابَ النخيل

يكحلـُها الرصاص ُ..

وخطوة.. فخطوة

تفتحُ ساقيها للغبار..!!

تركنا

النساءَ للخريف

ووجوهـَنا على النوافذ..!!

وبلا صبح

مشينا إلى الظلام

نحملُ رائحة َ الخبز

ورماد َ إنكسار العمر…

مشينا

إلى لغة ٍ

لن تكون..!!

لغة

لن..

.

وما أبرئ نفسي

لأنني لا أعبد ُ القمر

اتهموا قراري بالفراغ

وعيوني

بالظلام ِ المميت.!!

ولأنني

لا أعبد ُ الهواءَ

اتهموا رئتي بالاستكبار

وأنفي بالنوم..!!

لأنني لا أعبد ُ الشمسَ

اتهموا أصابعي بالخوف

ولساني بالعمى..!!

ولأنني

لا أعبد كلامهم

اتهموا أذني بالشقاء

ودمي بالسواد العقيم..!!

لأنني أمقتُ أنفاسَهم

اتهموا قدميّ بالفساد..!!

… ولأنهم

كالبصاق المريض

قذفوا السماءَ بالطاعون

وقالوا:

لا نعلم

الا ما علّمتنا الفروج ُ

وحانات ُ الليل..!!

كفن أسود

الطريقُ غائب ٌ

مثلَ مقبرة ٍ

تلقمُ صمتـَها للجائعين..

أطفال ٌ يتوهجونَ بالموت

نساء ٌ تهدهدُ أثداءَها

أمامَ قمرٍ يتيم!!

حلم ٌ خلع َ نعليه

راسماً كفنا أسودَ

وخارطة ً للضياع..

هواء ٌ مرٌّ

يمزقُ رأسَ حمورابي

وكتابَ سيبويه..!

امرأة ٌ عقيم ٌ

جاءتْ على استحياء

لتزرع َ الشمسَ على أسوار بابل..

إنها لعبة  ٌ أخرى

قامرَ بها الريحُ

لتنتفخ َ أوداج ُ الديكة

وحيامنُ البيض..!!

ايها الهنود الحمر

تأريخكم أنصع من هذه الطائرات..

الطائرات ُ تمزق ُ قامتي

وتشهـق ُ بالسلام..!!

الكلُ نيام.. الطريق ُ

والعالم ُ.. إلا أنا..

وأنا مقبرة ٌ أسسها خليفة ُ الله

أسسها للعقيم

إمرأة ٌ جاءتْ على استحياء!!.

حليب الرغبات

أدخلُ وبلا علامات

قريب ٌ مني أنوثتها الراقدة

أغتالُ منها نصفَ الحلم ِ

ولونَ النعاس..

ليس معي للمدينة ِ

أجنحة ٌ كي تطيرَ

ولا سنبلة حتى تتوهجَ بي..

نحن جميعاً رغبات..

في الصباح

نخدع ُ البكاءَ بالحروب

والمكان َ بالنور..

نخدع ُ أمهاتـَنا بالحليب

والحبيبات بحداثة المنفى..

كلّنا فراغات ٌ طائشة ٌ

لغة ٌ تتصدأ ُ من الجوع..!!

وفي الليل

نؤكد ُ للضياء خيانة َ الشكّ

واختفاء الرحيل..

نؤكدُ للموت بابَ الروح..

نؤكد ُ للمقابر أرتعاشَ المآذن..

نؤكد ُ للغروب

صراحة َ الفجر..!!

أدخلُ

وبلا علامات

أنثرُ للصبايا خسائرَ المشمولينَ بالعفو

للعودة للوطن..!!

وبشيء ٍ من الحبّ

أحملُ رأسيَ

هارباً

من عدالة التراب..!!

هكذا تكلّم التراب

أفرشُ ثقلَ الوطن

كي تنام َ رؤيتي..

أيها الشاسع.. لا مفرّ

أسكُنْ الريحَ

وحدَها لا تحيض

ولا تتعرى..

إنها  تصفق ُ للنخيل

وتنحني للفراتين

وتنحني لك َ

  • أيها الشاسع-

لا

لأحد..!!

أنهار

أبتلعُ صراخَ  السماء

لتنام النجومُ الحالمة ُ بالصمت

بين مدني

والطريق البعيد..

أبتلعُ وجعاً

يمطرُ حدائقي بالعويل..

أبتلعُ وسوسة َ الجدران

وهي تحيط ُ بروحي

وعصافيرَ سفري..

أبتلعُ ثوبَ المساء

النازل من دموع اليتامى

الضاحك بالعذاب..!!

أبتلعُ دبيبَ الظلام

المشتعل بالحبّ

إلى قطرة شمس..

وأنا..

أنا من يبتلعـُني

أنا

مغيثُ الكلمات..!

فراغ لقمر الأسماء

في الفراغ

أحتلَ صوتـُها قوة َ الصمت..

أحتل شهوة الرؤيا

احتلَ عيونا ناهدة ً

تقفلُ أبوابَها لحظة التفتح..!!

في الفراغ

شعرُها حبيسُ أندهاش القلب

وحاجباها يقودان عزلة َ النظرات

نحو خيول ٍ بريّة..

في الفراغ

خانها أسفلَ الروح

مطرٌ ثمل

شدّ أنفاسَها بقليل ٍ من التحفظ..!!

في الفراغ

إنكسرتْ مجرّة ُ التوازن

يقذفـُها عريـُها

الملتبسُ بالخجل..

في الفراغ

أبتلعَ العالم ُ قصائدي

 ـ تلك النيازك اليتيمة..!! ـ

في الفراغ

فراغ ٌ حارّ

ومجرّات ٌ تتجمّد ُ..!!

في الفراغ

توقـّفَ الموت ُ

وأنا أنهشُ نصفـَه ُ

الضاجّ بخيبة الشعراء..!!

في الفراغ

شباب ٌ من طين

ونساء ٌ تحتاج ُ إلى الملح..

في الفراغ

زحمة ٌ من النسيان

تتكوّرُ على الليل..!!

في الفراغ

الصراخ ُ غامض ٌ

يهدّ ُ قمرَ الحالمين بصخور الأسماء..!!

في الفراغ

تلتصقُ أصابعي بالذاكرة

لذا أسيرُ حافياً

كي أتفكك َ

وأكتبُ

قلقَ الضوء..!!

ضحكة القداح

القادمون شوارع ٌ من ساحة التحرير

فارقتُ احتضار الوقت

حين شممتُ سجائرَ الوطن الجريح

وما وراء الظل..

اشعلت ُ الحروفَ على زجاج ٍ بارد ٍ في الروح..

يا قلقي الممزّق في سرير النوم

دعْ حلماً على أمل الذين

تجنّدوا بهديل ِ نورسة ٍ

وساروا نحو هذا الصمت

في ليلي

المحاصَر بالتجرد

من عيون حبيبتي..!!

القادمون شتاء ُ دجلة

حين يرتحلُ المساء ُ

ويولد ُ القمرُ العراقي

المرقّش بالجدائل

من نخيل جنوبنا..

هذا أنا.. والقادمون

شوارع ٌ من ساحة التحرير

حالمة ٌ نجوم ُ الصيف ِ

أتعبها جفاء ُ العنبر ِ الممتد

في قدر السّنين وضحكة القداح..

آه..

مزّقتني  الريح ُ.. والطيرُ

الذي ما زال يتبعـُنا

إلى المنفى..

معاً كالمسافات

إلى: وديع العبيدي.. دائماً!

حزين ٌ كالجهات الأربعة

ليس بالضرورة امرأة

ربما الحروف لم تصلْ إلى مزاجه ِ المزمزم..

لذا هي عاطلة ٌ عن الصراخ

وأصداء الليل.. وهتاف الرياح.

حزين ٌ كأهوار ِ الجنوب

لا يختلفُ مع أبي ذر

مع أنه غاية ٌ في الأناقة

مثل نسمة ٍ تبكي..!!

حزين ٌ كالشمس

وهي تحلم ُ بالثلج..

قلبه ُ الوحيد ُ

في منتهى الكتمان

أضاع َ البلاد َ.. والفوضى..

وطريقَ المطر..

حزين ٌ كالضرورة

في ملجأ الروح

نزفَ وجهـَك المهشم

حتى مطلع الرئتين..!!

حزين ٌ كالعراق

عضَّ رأسَ السواد

  بالإنتظار..!!

قصائدي تقود النجوم

أكلتْ الريحُ حدائقَ وجهك ِ

أيّتها الطريق المدلل

أحرقي أوراقـَك الذابلة

لتتفتح ثانية ً

أزهارُك.. والمطر.

نائمٌ صوتـُك ِ الحارث ُ صمتي

كذلك أنوثتك

التي تتهجى العيونَ..

أشتهي أن أحاصرَ النوم َ

كي أهدّمَ حصنـَك ِ العنيد.

اركضي قليلاً

إلى البحر

حتى يذوب ُ المساء

أحملي معك ِ قامتي

وفجّري بها كلّ َ شيء

لعلّ شعرك العذب

يكتبُ

قصائدي

للسواد..!!

بينما طفلة تضجّ بالبكاء

أمطرتْ مثل مساحة ِ الروح

لتضيءَ شمال َ العمر

الغائب في التوهم..

أمطرتْ..

كي تفتحَ أشجارَها أمامَ الليل..

تنفخ ُ أسرارَ النجوم

تتهجى..

السماء ُ تتهجى شوارعي

وتكتب ُ:

هذا الصارخ

النازل من قانون شعرها

حتى أناملي

وهنا تماماً..

أمطرتْ

بينما طفلة ٌ تضجّ ُ بالبكاء

وتلعنُ الحرب َ..

الحرب ُ

القادمة ُ

من

الجحيم.

قيامة هادئة

أتعثرُ في تضاريسَ الخراب

أحملُ سفوحَ المآتم

وحزمة ً من النهار..

تاركاً للمعنى حقّ الارتخاء

وللعمر سلّة الشمس

أراقصُ الظهيرة َ بالوهم

والجوع َ بقميص الغبار..

أنا بكاء ٌ مجفّف ٌ

سليل ُ الرمال ِ

سليل ُ الجماجم الكئيبة

سليل ُ الهزائم والامنيات

أكفنُ الليلَ بالنبض

والشوارع َ بالنوم..

أكفّنُ النجوم َ بالإنتظار

وعينيّ بالحبّ..

أنا هواء ٌ ثمل

أستدرجُ الكلماتَ

بهذيانات غائبة..

ومثل مقبرة ٍ تضحكُ من الموت

أحضنُ قلبَ الوطن

وفي جسدي

ينتهكُ الرصاصُ

فاكهة َ الفراتين..!!

تريللبورغ 2004

بغداد عمامة للموت

يتراكضون

أسماؤهم تتذكرُ الدماء

وتلعنُ الجسد َ..

يتراكضون

والشوارع ُ تتقيّأ ُ حيضَ القنابل

التي تقبلُ عشتارَ بالموت..

يتراكضون كالذكريات

هياكلٌ معتقة ٌ بالهذيان..

يتراكضون

وليس لبابل يدان

ليس لبغداد عمامة

حتى تطوفُ بهم ضريح الحسين

يتراكضون

أمامَ أنفاسِهم

عظام ٌ مقدسة ٌ تحلم ُ بالسلام.

يتراكضون

بقامة ِ النخيل

وقدميَ الفراتين

أرواحهم تشعّ ُ بالنور

لكنهم من الذهول

تركوا الشمسَ وحدها

شاهدةً على الحرب!!

ملامح لا تصفق أبداً

أضعتَ زمناً

وأنتَ تهرولُ.. وتمطرُ.. وتكتبُ.. وتنسى..

تتذكرُ البرديّ المذبوح

تهجرُ صمتـَك وتغني

تصمتُ لينام ضجيج ُ العالم..!!

أضعتَ رأسَك

وأنتَ تحلم ُ.. تحلم ُ

والبحرُ المتوسط ُ يضحك ُ

تدغدغه ُ بوارج ُ أمريكا

أمريكا نهرٌ

لابدّ لنا

أن نغسلَ قادتـَنا

والكرسيّ أيضاً

لا بدّ لهم.. قادتـُنا

أن يعتصموا بحبل أمريكا..!!

أضعتَ زمناً أبيضَ

طفولتك.. وصياح الديكة.. وآذان الصبح

وخبز التنور.

أضعتَ وجهـَك وأنتَ تهرولُ.. وتكتبُ

تنسى أنكَ مخفي.. وبلا ملامح

تشهد ُ أنك تمطرُ..

الكلّ تكوّرَ ومضى

وأغلقَ ثمانية َ أعوام

وحصاراً أعمى

وأنتَ تهرولُ .. في زمن ٍ

أضاعكَ وحدَك َ

ليصفـّقَ لأمريكا

وهي تحررُ عمرَك القادم

عمرك وحروفك

وبقايا أمل.. سيكتبُ عنكَ

وعن قدميك..!!

سقوط  بعيد

تحاصرُني عيون ٌ تفسّخ َ فيها الدمُ

وفرّ الملايين ُ منها عراة ً

بلون المساء.. وقد أُعدِموا

وصوتُ الجياع على شارعيها

له سلّمُ

يدمدم ُ هذا الغبيُّ المعفّرُ بالخزي

ويغرفُ من منخريه الفمُ

يريدُ أنهيارَ القصيدة ِ

ليشرب َ كأساً

ويمضغ ُ قتلاه

ثم يزورُ الأراملَ ليلاً

ويرجمُه ُ الدرهمُ

تعبتُ..

تعبتُ..

من هول هذي الحجارة

يهشّم ُ حلم َ النوارس ِ

ويقول ُ:

كعاهرةٍ، :” إنني مسلمُ ” !

سأصرخ ُ كطفل ٍ

ينهشُه ُ الجوع ُ

سيمزّقُ هذا القنفذ ُ رئة َالبحر

ويهشّم ُ صمت َ الله بأسنان ٍ تتساقط

هذا القنفذ ُ مشلول ُ القلب ِ

كفأر ٍ مخصي../

يقفزُ من حانات ِ القتل ِ فراغاً

ويحاصرُ حلم َ الورد ِ

ويقطفُ نورسةً ً

تستنشق ُ طيفَ الروح ويطعـنُها

أعوذ ُ بربي

من همزات القنفذ ِ

ومن شفتين

تضطربان ِ كرعديد ٍ داهمه ُ الخوف ُ سريعاً

أعوذ بربّي

من هذا الزّبد الفارغ

يسعـلُ في الصيف خفافيشاً

فالنبضُ حنين ٌ يتجدّد ُ../

النبضُ سراج!.

رقصتي لغة مثلي

           1

تنتفضُ رموشُها الدبقة

بايقاع منتظم

تعاكسُ الخيالَ النحيلَ

لتفوزَ بالعيون.. وكذلك

بنبضة قررتْ أن تنحرفَ

عن إرادة باردة..

إنها الرموشُ الدبقة

التي تشتعلُ بالرقص

ثم تسافرُ بي.. تسافرُ

إلى نقطة..

نقطة واحدة تحلم..!!

       2

لتلك الفتاة

أنزعُ أنفاسَ النظرات

وأزرعـُها في الطريق

لعلّها تصطدمُ بي.. وبها

أدخلُ رقصتي

وأستدرجُ الظلام َ

استدرجُ أسراباً من القلوب

تحاصرُ وحدتي

وكلّما أدخلُ

أجد ُ لغتي تبكي

لغة عذراء

تبحث ُ عن نفسها

مثلي..!!

ظلّ لنعاس قادم

لغة ٌ

تشتّتُ نفسَها

في الرمل..

يا لغتي التي ماتتْ

بأغنية الضفادع

في الظلام..

أشكو إليّ

فمنْ يعيد ُ طراوتي

وجميعهم

غسق الكلام..؟؟

قتلوا سراج الحالمات

الهاربات من النعاس..

من غاب موتى الغاب.. إلاّ أنهّم

صلبوا التراب

ومضوا إلى قبري

برائحة السخام..

حشد ٌ من الحجر المعفّر بالدماء

حشد ٌ

وليس لهم سماء..!!

مزاج مهذّب

تحت ثمار تصرخ ُ

أمنحـُك ِ الهواء َ وفكرة َ الشمس..

وأنت ِ

مثل شعرك ِ المثقل ِ بالسواد

واقفة ً على ضباب أنفاسي

تختزلينَ احتراق التعب..

هذا نهارُك ِ المكتمل

أرصّع ُ فيه الحروف َ

وبقايا نظرات..

أرقد ُعلى سلّمك الملتهب

لتنامَ أصابع ُ الحرب ِ

وعساكرُ الرمال..

أتلمّسُ أهدابـَك ِ المهذّبة

ذات الضجيج الصامت

كي يحلمَ القمرُ وخسارات ٌ عالقة..!!

أركضُ كثيراً في هذا الملح..

أتدثرُ بمزاج النعاس

أصلي للنوافذ العارية

وللضائعين في النسيان..

أنا قمحـُك ِ المقوس..

قمحـُك المثقوب

تحت شفاه باردة..!!

أمنحـُك ِ تاج َ الفوضى

وجيشاً من الحبّ

أمنحـُك ِ انتحار صوتي

على باب موسى بن جعفر

أمنحـُك ِ النوارسَ كلّها

وأثداءَ البردي..

لماذا.. يا ضوئي الجميل.. أنت..!!؟؟

لماذا أمنحـُك

وأنا

بلا مملكة..؟؟!!

المعنى اتّفاق خارج إطار المحسوسات

أسئلتي ترفضُ الرصاصَ

في ضوء الزمن

تتكوّرُ الثنائيات ُ في الذهن

فأشتهي دجلة َ

الختام ُ المحتمَل قبل ولادتي

وبعد انبثاق الصمت..

تفتّحي يا أنهر الغائب..

ساعة الأسماء

ينتحلُ الإله ُ صفتي

بل أنني

شبق ُ الفراتين

لحظة تهشّمي..!!

شارع الرشيد

أيّها الرحيل

حين تعبر حدود قامتي

أنتَ وشارع ُ الرشيد

اكتبا:

لغة ً أخرى.. وثوباً

ليس لكلكامش

ملحمة فيه.. وليس

لـ – السيّاب- ظلام مهذّب

وليس لي – أيّها الرحيل-

غير رصاصة

   تأكلُ المسافات..

صحراء الرطب

أفرغ ُ الهواء َ من اللذة

والطفولة َ من هزائمي

أنا التوهّم ُ حين مناص

أستدرج ُ العشبَ بالطيران

والنجوم َ بمرايا التوحّد..

أختفي بالقلق

تاركاً للنساء لزوجة الرغبة!!

وحتى أستدلّ ُعلى الفصول

أعزلُ شتائي عن الصحراء

وأزهاري عن الشفق..

أطلـّقُ العاصفة َ.. وبلا خيوط

أعلّقُ الحليبَ على شفاه الشمس

رغم قناعتي بالسواد.

ودائماً

معي يلتصقُ النهرُ

أكثر من الظل

ليمارسَ طريقة َ المناخ..

أنا قبّة ٌ من النور

قامتي النخيل

ورأسي قابل للنهايات!!

قهوة الأرض

حتى أضعك ِ تحت مظلة ِ القصائد

كان عليّ أن أختفي عن الذاكرة

وأحتمي بالنور.

ولمرّة لا تستحق كآبتي

سرقتُ البكاء َ من الأسئلة

لأغزل الحنين

وأسلخ الظلام

من أرامل الوطن.

صوتـُك ِ فضاء ٌ لغبار محبتي

تلك التي تستمع إلى الشمس

لتسجل شموسَ الفراتين

وخوفَ بابل..!!

هذه الينابيعُ استدرجتْ كربلاء

وهي تغصّ ُ بالصواريخ الميتة

مثل عيون – حسين كامل-

وقائد الدخان.

في هذه اللحظة كنتُ أنطّ ُ من النصّ

كي أرمم َ طفولتي التي تتصدع

ثمة طائرات ٌ تصرخ ُ

لتعللَ كراهية الحرب

وهي تغسلُ النهارَ بالمبيدات

التي تؤجلُ لغة َ الهواء

وتطيح ُ– إصراراً-

بعناقيد َ العنب الحارّ..

إنها أصابعُ الحكاية

دون مساحيق تترجمُ نعومة َ الورود

أيها الشرف..

لا عاصم اليوم من السقوط

لا عاصم من الخسارات

لا عاصم من الرّمال.

وهي ترقص في أفواه الشياطين

لتمجّد الدم..!!

تحت جلود النساء

تردّد ُ الأرض ُ:

قهوتي رؤوسكم أيها العرب!.

الآن أرفعُ المطرَ من النفط

كي تكون الكراسي أكثر شبحاً

أمام أثداء العربيات.. اللائي

تكسّر الصباح ُ

في أحلامهنّ المتقاعدة..!!

أكثر تلاشياً

أحياناً

للرؤية مزاج يلوّث الأفق

ليس مسرحاً.. بل جمال الحرب

تفتح ُ لقواميسنا

بين عمار * وبطل وثني

كلباً باسطاً لسانه

كرسياً يحمل نفياً

وأظافر لم تعدْ

من المحيط  إلى الخليج

إلا غرقاً لحقائب

تحتشد في الساحات

وأخرى في غرف النوم

تشنق سوادها

حتى مطلع الغروب.

أحياناً

للرؤية مزاج متعمّد

مثل القصيدة

  • مع مرتبة الشرف-

وغالباً لا أكون

كي أعمّد قلقي

صيفاً لهذا الخراب

كي أعمّد قلقي

لطفلة تكشف موتها

وأنا في المطبعة

أحلم كباقي الشعراء بالحداثة..

ثم أفكر بـ -السنترال-**

وقائمة المبيعات.

أحياناً

أتوّج الشارع بالنجوم

ورأسي بـ /أمريكا/

أمريكا / الوطن/

الحالم بدجلة والفرات

قبل هذا الزوال

للرؤية مزاج كما للتراث

وبفعل التقدّم

  • خونة –

أولئك النازلون إلى النصّ

لتقاطعهم مع الضوء.. وليس معي

ففي الربع الأخير من ولادتهم

وبفعل التقدّم – أيضاً-

صرخ:

أولئك النازلون

أمريكا.. الوطن..!!

  • الصحابي عمار بن ياسر
  • السنترال مقهى في وسط عمان يجتمع فيه العراقيون.

                          نخيل يتيم

أقفُ على راحة الموت

أقطع ُ تذكرة ً للعراق

أحملُ معي:

طفلاً بلا يدين 1

ومسلّة من شمس 2

أتذكّرُ دجلة َ وأمي

تركضُ ذاكرتي الى الوراء

أمامي يـُهزم ُ الليل

وجثث تبارك ُ انفلاتي

أنا قمرٌ من نخيل يتيم

أبي خانه الترابُ.. لذلك

رمى بي في الثلج..

أجلسُ بلا رأس

أحدّق ُ للرياح

تمطرني صراخاً بغداد ُ

وزوجتي

حين يأخذها الصمتُ

بعيداً عني..

يأخذها – خبز ُ العباس

والشاي المهيّل –

زوجتي تقول:

الوطن دمي

وأنا خيمة ٌ للنجوم

ليس لي أصابع بيضاء

تغتصبُ البحرَ..

ليس لي وأنا

أقطعُ تذكرة ً للعراق..!!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ    

إشارة للطفل العراقي علي الذي فقد يديه نتيجة القصف الأمريكي على العراق.

  • إشارة إلى مسلة حمورابي.

أمشي كي أصلّي

لا زمان

يكنسُ هذا الفضاءَ الساكت

فوضى تبلّلنا باللهاث

تبلّلنا بشهوة الموت

وأصابع تقيم في الفراغ..!!

  • إنها كربلاء –

  تلاحقُ أنفاسَ الميزان

 وداخل الضريح

 يربحُ النعاسُ كلّ شيء:

 “معاوية.. يزيد.. والحجاج”

 يخسرُ النعاسُ – أننا نفترق-

 أيها القلب – المطمئنّ بالحسرات-

 يوماً بعد يوم.. وكما أخبرتهم:

 المطرُ هو الطريق ُ إلى القاع

ولمزيد من التعذيب

اقتلعوا شهقتي.. لا شيء

سوى القتلة

وافتراضات تحرّرت من المشانق

وببطء

ارفعوا ما تبقى من الحزن

ففي هذا العالم

هناك مقبرة في الجبل

لوطن

اسمه ُ العراق..!!

لا زمان

يكنسُ هذا الفضاءَ الساكت.

أهمسُ للمستحيل

تتقافزُ انعكاسات ُ النور..

اصرخُ  بالتراب

تضحكُ المناسبات ُ الوطنية

وتصفقُ للعظيم..!!

أحدّق ُ للنهر

يتحرّك ُ لسانٌ  يفكرُ

قطعتْ أذناه..!!

أمشي إلى النخيل

أدخلُ بابَ الرطب – كي أصلّي-

لأول فجر

يرتّب وجعي..!!

كبرت بغداد لكنها

قطّ  لا تنحني

على شجرة ٍ حملتني الرياحُ

وطارتْ بنوري

ونوري يحبّ ُ المطرْ..

يحبّ ُ النخيلَ..

يحبّ ُ العراقَ الذي كلّه في سفرْ..

على شجرة ٍ أخرى

رأيتُ العيونَ

وأمّا يلمّ الظلامُ صداها

وصمتاً يلوك ُ السماء َ..

رأيت ُالشوارع َ تبكي

ويبكي النهر..!!

رأيتُ العراقَ الذي كلّه في سفرْ.

على شجرة ٍ أخرى أراها

ولا تنحني..

لقد كبرتْ.. كبرتْ

واشتعلَ في مقلتيها الشتاء ُ..

كبرتْ

كأنّ جدائلها غابة ٌ من هواء..

لكنّها طفلة

تشتهي أن أراها.. أقبلّها

وأكتبُ فيها دمي

كبرتْ بغداد – يا صاحبي-

لكنّها قطّ لا تنحني.

على شجرة ٍ مرّ طيفُ الفرات

وغنّى لدجلة

فنامتْ عصافيرُ قلبي

لكنّني – يا صاحبي- غائبٌ

أفتّشُ عني..

أفتّشُ عنك َ

ّأفتّش ُ عن شارع المتنبي..

وحلمَ العراة.

على شجرة ٍ ذبحوا الحالمين

ذبحوا قلبنا.. وأنا

رأيتُ الدماءَ التي.. تحبّ ُ المطرْ

تحبُّ العراقَ الذي كلّه في سفرْ.

على شجرة صوتـُه ُ قادني

كبرتْ بغداد..

لكنّها

قطّ لا تنحني..

صبر العراق

صبور أنت يا جمل!

(1)

تحت قلبي

اكتشفتُ مدينة ً من حلم

يعصفُ بها الجوع ُ

أطفال يطعمون الموتَ

وروداً بيضاء

نساء تشهقُ  بالحبّ

بقايا ذكريات تزيّن ُ النخيلَ

صراخ مجهول من قرار دجلة

تحت قلبي

اكتشفت ُ الحقيقة َ

إنني شهيد وطني..!!

 (2)

مبارَك.. أبداً

تحسده ُ الرياح ُ..

الموت يترقبُ النوافذ َ..

حاملاً شوارع الوجوه فوق كتفيه..

والعالم العربي

يركله ُ بالحسرات..!!

يا له من وطن

أعظمُ مما تتصوره ُ قامتي.

(3)

ألبستُ المسافات

طريقاً للمطر

ومقلتي في الروحْ

ما زالتْ مدينتـُنا

تحدّق ُ للقمرْ

والهوى مجروحْ

وما زلنا.. غريبين..

لنا حلمٌ..

جميل ٌ.. مثلنا مذبوح ْ..!!؟

                          اصدارات

الموتى يترجمون لغة َ الحرب

الطبعة الأولى:

فم ٌ ابتلعَ النخيل َ

الطبعة الثانية:

فم ٌ ابتلع َ المجانين!!

الطبعة الثالثة:

فم ٌ ابتلعَ الوطن َ..!!

الطبعة الأخيرة:

الكرامة وأسرى عراقيون

الكرامة ُ: فم ٌ ابتلع َ شرف َ العرب

ثم تقيّأهم.. تقيّأهم جميعاً

على طاولة – شرم الشيخ-.

الرأس الأقصى

مصغياً أسرع ُ من الصمت

وهذا يفسّرُ هزائم العالم

في تفاحة الرأس

قبل انهمار القلب

المتناقض أمام التأمل..

لم أستطع أن أدخّنَ الحقائق َ

لكنني – وبوضوح-

أرتّبُ المرآة َ قبل الرحيل

كي لا أختبئ في دمي..

أنا طفولة النخيل

تتحاشى ذاكرتي الكلماتُ

كذلك النساء ُ ذوات الظل..

أحتفلُ بأسمي قليلاً

لأن الأمر لا يتعلّق بي

مصغياً إلى الزوايا

ورائحة النوم

أقشّرُ المدينة َ قبل أن تستيقظ َ

لهذا تجعلني لا شيء إزاء انفعالي..

طويلة تلك السماء تحلمُ بالأحذية

قبل النزول إلى الجبل..

طويلة ربّما

وأنا أقتحم ُ النهايات

لمغادرة المستحيل

أمضي طليقاً

وأهدم ُ أبوابَ الموت

  • وهذا ليس صحيحاً-

انّها الحافلة واللحظة..

إنه ُ وصلَ متأخراً

وهذا يفسّر هزائم العالم

عبر منطقة العيون

والرأس الأقصى..!!

القسم الثاني:

مجموعة: التشكيل السادس

قصائد الفترة (1988-1995)

يا آدم

إننا قوس الإله

نسافرُ مع الغيوم

ونقطفُ المطر..

حسن الخرساني

وشمعة تنتحر..

الذكرياتُ خانتْ الرحيلَ

وهو يكفّنُ جثته بالبحر الميت..

انتصرتْ الساعة ُ.. كذلك

السماء ُ شيّعتْ  نوافذها..

المسافاتُ حلم ٌ غائب ٌ يشتقّ فراسته من

سراط العيون.. ومثلما نصل

نقع ُ في نقطة الرجوع حالما تشترط أنوفنا

روائح كقطّة تحتفل بالنوم.

علّمتني الرياح ُ ثوبها.. والجبلُ طفولة الحجر..

كما علّمتني السنين موتها.. أنا..!!

وهو يكفّن جثته أمام النخيل

سجدتْ روحه ُ للهواء

سجدَ الماء ُ والتراب ث

سجد العذاب ُ على الكلمات

سجدتْ  كلّ الحروف..

وهو يكفنُ كلّ الحياة

سمعتُ وراء َ الحجاب صوتاً يرتّل

الله أكبر

الله أكبر..

مقاطع

  • المتنبي شارع ٌ مجنون

لاتقتلوا جثته بالكتب.

  • أخيراً

سرق الأربعون نصبَ الحريّة.

  • الغربة ُ تمطرُني

مثل عباءة حبلى بالسواد.

  • كلّهم كتبوا الرحيل.. إلا أنا

يكتبني الرحيلُ..!!

  • يبقى الجسرُ.. ويختفي الشهداء.

  • الطحين نسيَ إسمه

وطلبَ اللجوء الميتافيزيقي.

  • متى تفهم ُ أيها النخيل

بأن التمر باع َ اسمـَك َ فينا!!

  • قبل أن تتقدّمي – أيتها النهاية- سيحاسبك

القانون لتجاوزك إشارة المرور في الطرق السريعة.

ترتيل في الضوء

بجناحين..

إلى عينيك

هذا القادم المقتول

يحيا..

ويغني للجياع.. وبه

في القلب

حلم ٌ لا يباع.. ربما

يأخذُه ُ الخفاش ُ

قبل الصمت.. قبل الصوت

لكنّ الصراع

عالق ٌ كالحبّ

مشدود ٌ إلى النبض الحزينْ..

فلماذا تنظرين..؟!

ولماذا كلما أكتبُ عن هذا…!!

أرى الموتَ يغني

لحنه للقادمين..!!؟

……….

حالما أبصرتُ في نيسان

ساعات من الشوق إليها

قلتُ للنورس: لا تطفو على قلبي

شراع ٌ ذلك الدمع….. وما الدمع لديها

هو ما تهوى.. وأنتَ الآن في ميسان

لا تدري.. ومن يدري..؟؟

هنا.. الكلّ في نبضي رهين..

فلماذا تنظرين..؟؟

ولماذا كلّما أكتبُ عن هذا..!!

أرى الموتَ يغني..

لحنه للقادمين..!!؟؟

سجدتْ في الشارع المصلوب فينا

طلقة ٌ..

انني صليتُ  للموتى.. لها

فأنا

ما زلتُ في الدائرة الأولى

وفي الأخرى حنين..

فلماذا تنظرين..؟؟

ولماذا كلّما..

لا لست أدري

لست أدري..!!

1992

سماء للوقوف

في مساء عينيك الراحلتين

ثمة طيفٌ مهاجرٌ  يقاسمني غربتي

وصياح مكتظّ بشعاع الحروف.

ثمة عصافيرٌ  تحتفل ُ بالمطر

وبسمة ٌ تعاكس ُ خجلي..

في مساء عينيك

تشبعني الوجوه ُ بالحسد..

أنا تلك الموجة التي تتوهم ُ بالعودة

يقودني الكذبُ

إلى دائرة كعيني قرد حزين..

أصدقائي يشربون التواصل

وأقدامهم تضحك ُ من أنوف المعارضين

ورائحة – Ton- العارية

تسبح ُ في فضاء

من الشاي البارد..

نساء توزع ُ أردافها بخطوط متقاطعة

تشهق ُ الأثداء ُ من غربة الجسد

عساكر من الأفواه تمضغ ُ صراخها..

لكن عينيك الراحلتين

تتفتحان أمام البحر

وتقطفان حلماً عذباً

مذاقه ذلك الصمت

المكتظّ بشعاع الحروف..!!

خارج القوانين

دخان الأحذية آخر المنتحرين على صوت بليد..

أشاكلُ  وجهي.. فسيّدتي نصف ما أحتمل

خارج القوانين..

بعيدة ٌ يد ُ التوازن

داخل الفوانيس..

والنساء اشتقاق التكهّن..!!

أيتها الذكريات القادمة

كثيرة ٌ تجعّدات المعاني

وللعناكب التحفّظ

على اقتلاع الملك

من رقعة اللغة.. لذلك

خسرَ الشتاء ُ أقدامـَه ُ

أمام مطرقة الحروف..

الأصابعُ تقامرُ ساعة َ الانزلاق.. وعليه

للقادمين من أجراس الليل

مجسّات دقائقي..!!

1993

وراء الظل

لمزيد من النسيان.. تنسى الحروف أصابعي..

على أنني قابل للنسيان..!!

ظلٌّ يهرولُ

والرّياح ُ سفينة ُ الموتى

شواطئنا يحاصرُها الد ّخان..

مرّوا على أني سماء ٌ للعيون الحالمات

من أين لي..؟؟

هذا جدارُ الصين.. زنجيّ هنا..

والصمتُ شرطيٌ تشبّث.. بينما

كنا مساء الحلم

تعزفنا شجيرات ُ الطفولة

ليلنا طيف ٌ يلملِمُنا

وساعات النهار..!!

من أين لي..؟؟

هذا هو الخوف المقنطَر.. ظل ٌ يهرولُ.. حالم

منقاره النغمات

تسبقه إليه.. يتسلّقُ المنفى

على أن السماءَ سجارة ٌ

والأرض طائره المهاجر.. كلّه يمضي

حفيف ٌ ذلك البحر المقامر نحوه

ظل ٌ يهرول ُ.. والطريق ُ تيبستْ أقدامُه ُ الأخرى

تيبّسَ.. جاوز الأوهام.. إلا أنه

ظل ٌ يهرول ُ..

أو

يهرول للوراء..!!

سرير المساء

 نختفي بين أصابع جلجامش

وطيفك ِ الممتد من أقصى رأسه إلى خمبابة

الفائزة بكأس العالم

في حرب الخليج..

لماذا لا نرقصُ احتفاءً بموت السعادة

أو تيمناً بالمساء..؟؟

وهو يرحلُ

وفي يديه بقايا نهار مغلَق..

الوجوه خانها الترابُ

فراودها ضوءُ الشمس وعالجها بالتفسّخ.. وكنتُ أنا

ذلك الغائبُ في جدائل البرديّ

أشربُ الصيف َ.. وأنام ُ في الشتاء

كي لا تصاب قدماي بالزكام..!!

فأنا أحافظ ُ على قدميَّ من شراهة الحجر..

ومن عيون قصائدي التي يُتِّمتْ أخيراً

بسب انقطاع الكهرباء عن حنجرتي والأظافر..!!

الطريق ُ أعمى..

والحصى يتناثرُ بين رئتيَّ رغم إنني

حصلتُ على وثيقة من الحروف..

تلك التي نبحتْ أمام العالم بأنني سريرٌ لها..

هذا ما جعلني أحرصُ كثيراً على بقاء جوازي مع طفلي

الذي يخصّكم بالسلام

ويعتذر عن هذيان أبيه..!!

قال الهدهد

سأل أعرابيّ ناقته: من سيحاكم صدام؟

الناقة تسمعُ.. وتدمدم.. مَنْ..مَنْ..

وتاهتْ في الصحراء – مَنْ-

ومضى الاعرابيُّ إلى خيمته

واجتمع الأهلُ..

قالتْ امرأة: اللغزُ عصيب

لكني أمتلكُ الأمرَ.. ولي ساقان

بينهما نهرٌ يفهم ُهمهمة الجنّ!!

لا تقلقْ يا شيخ.. أنا امرأة.. ولي نهدان

ورائحة الأنثى – يا شيخ- وأنتَ الرجل العربي

تفهم ُما أعني..!!

الخيمة ُ تصمتُ.. أبطال تتهاوى في الحيرة..

المرأة.. مَنْ.. ؟؟ قال الهدهدُ:

المرأة تحكمُهم.. ولها بحر يجري.. يحملُ جامعة ً

  • تدعى العربية- تتوهج بالهذيان!!

بـ – مَنْ سيحاكمُ-؟؟

المرأة قالت: وأنا..!!؟ أمتدت أذرعها

والشارع يعوي..

قالتْ الناقة ُ للاعرابيّ: لنغني

هناك مطرٌ أبيض.. هناك نجوم ٌ تولد.. هناك طريق

قال الأعرابيّ: والقاتل..؟؟

قالتْ الناقة ُ: هذا داء ٌ ترفضه الأرضُ وسماء ُ الله.

قال الهدهد:

امرأة تحكمُهم..وأقسم بالواحد..

ورتّل:

“مرج البحرين يلتقيان.. بينهما برزخ لا يبغيان”.

مطر النخيل

إلى: قائد ثورة العشرين شعلان أبو الجون عندما

صرخ بوجه القائد الانجليزي – أرجف.. ما أرجف.. هذا أنا-!.

هناك أشجارٌ من الدمع السّجين

تفتّحتْ فيها الرياح ُ

فأمطرَ الحزن ُ القتيلُ صراخ َ منفى الروح

في ليل تحاصرُه ُعيونُ القادمين

من الجنوب..

وها هو البحر تنفّسَ صمتَ أغنية

الذي اهتزتْ يداه من الشوارع

حيث صوت الموت يحمله ُ إلى شمس تجفّ..

وشاطئ يبكي على ظل توارى من خيال القلب..

كان النبض يقتلعُ الجبال َ..

ومن سواحله ينزّ الموج ُ..

هذا اليوم تاريخ

لسوسنة لها عطرُ البطولة..

اننّي../ واحتجّتْ الأرض ُ

هناك عواصف ٌ من أحرف الجوع القديم

على وريقات تبخّر لونها

إلا من الوجع الذي لبث الظلام على سنابله

فراودَهُ الرّجوع بصرخة

“أرجف.. ما أرجف.. هذا آنه”*

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  • شعلان أبو الجون شيخ كبير استهزأ به القائد الانجليزي بعدما بعث إليه ليحضر أمامه ووجده يرتجف فقال له:
  • انك ترتجف.. هل أنت خائف؟..

فقال له الشيخ:

  • أرجف ما أرجف.. هذا آنه!.

أصابع..

صحراءُ أغنيتي

ودمعي شارع ٌ من غابة الموتى

قتيل ٌ ليس لي وطن.. ولا منفى

تحاصرُني جراح ُ النخل

في قلب العصافير

فأصرخ ُ.. أصرخ

لا ليل يسمعني.. ولا شمسٌ  ترى

ماذا جرى في ساحة التحرير..

طفل ٌ جائع ٌ.. مرّتْ أصابعه ُ تفتشُ في دمي..

عن واحة.. أو عن مرايا الأمس

في رأس الوريد..!!

حتى تيبّس صوته ُ.. وسرى إلى رأسي الشتاء..

وماتَ في رأسي المزيدْ..!!

خارطة السقوط

 من قادم ٍ حملتـْه ُ آهات ُ المساء

ورمتْ به الأقدارُ في قلبي

فعانقه الشتاء ُ..

كلّ السّنين على سراج الآفلين.. إلاّك

يا من كنت َ تحتضن َ الفراشة والهواء

تبقى على حلم تحاصره العيون ُ.. وتفرّ منه إلى السّقوط..

فلعلّها….

ولعلّ خارطة يمزّقها النفاقُ

تحيا بطيف من خيالك

أو..

من جنون القادمين..!!

سفر المطر

توغلتُ بين الضياع الجريح

أفتّشُ في سفر المطر المستبدّ.. روحي هناك..!!

تراب ٌ هو القلب، لا تقتلوه!

تذكرتُ لون َ الدّموع.. امتداد الخريف

لهذا البنفسج طعم الغروب

كدتُ أغصّ ُ بموت العبارات

لولا احتراق الخيال..

هو الخوف بين العظام.. فلا

لا.. فالمساء ُ جليد ُ الحضارة..

الصباح ُ زجاج ُ المساء..

الموت ُ ثوب ُ الزمان..

هو الآن لا يستفيق.

شراعك بين العيون.. يرفرف

يهزّ الشتاء َ الغريب

يلملم ُ طيرَ الرحيل

بخمر ٍ جديد..!!

مرايا الروح

هذا جنونك في دمي المحتلّ

أكتبـُه ُ قصيدة..

وبه سأزرع ُ من غريب الروح.. ما فيها

لعينيك البعيدة ْ..

فأنا جنون الواحة البيضاء منسيّ

وجنّ جائعٌ

قد جاء من ما فيك

للدنيا يعيده ْ..!!

موت كلانا

ضائع ٌ.. يمضي

يفتّشُ عن شوارعه ِ الجديدة ْ..

فهناك في الوادي..

مرايا سابحات في وريده ْ..!!

  • مَنْ ذا ….؟!

أشارتْ.. لي.. لتسألني

يجرجرُها نشيده..

وهنا علمتُ بأنني..

وضحكتُ من ماذا… وما..

ذاك الذي مني تريده ْ..!!

1995

شوارع النخيل

إني عرفتـُكَ بعدما ارتحلَ المساءُ

وغادرتني الريح ُ في المنفى..

تبعثرَ صمت ُ أغنيتي على باب تهشّم في دمي

يا قارب الدنيا سألتك من أنا…؟؟

وأنا ترابك حينما أتعبتَ هذي الروح

في شيء من الخوف الذي ما كان إلا حينما..!!

هل أن دجلة شوق هذا القلب

أسرى في خيال الحبّ أم أتعبته ُ..

هذي شوارعكَ النخيل ُ تصدّأتْ

وتلوّثتْ بدخان من كانوا بلا أسماء

من خلف الحضارة..

سيّدي.. عذراً

فنورستي تئنّ بخافقي

وسجائري تشكو أصابعنا التي في النجم

أوهنها صراخ أظافري

والحبّ ُ آخر

ما تبقى.. يا عراق..!!

1995

مساء دجلة

ولربّما تتذكرين

أحلامَ دجلة حين يبتسمُ المساء ُ

ونحن في فمه انتظار..

نمضي كأنّ قلوبنا موج

وفي دمنا النهار..

أنا لستُ أوّل من تلبّد بالذنوب

ولستُ أوّل من يجرجره الضياعُ

إلى الدّمار..

فهناك ما فوق الذي تتصوّرين

يا هالة القلب السجين..

عذراً ففي وطني اضطراب

تتقاتل ُ الأشياء ُ فيه

وأنت ِ وحدك تعرفين

ما في يدي

وما وراء أصابعي..

لا تقتلي النبضَ الذي كنا به..

أحلام دجلة حين يبتسم المساء

يا هالة

القلب

السجين..!!

تواريخ غائب

لولاك ما نبتَ الهوى في القلب

واحترقَ الشبابُ

لولاك ما كانتْ رياحُ  الحزن تعزفـُني

ويلسعني العذابُ

أنا طائرٌ يشكو إليه ِ

ويشتكي منه الجوابُ

الدمعُ سيّده ُ.. وليس لديه غير الدمع بابُ

أنا طائر المنفى

شوارعه ُ المسافات ُ.. التي سُدّتْ.. وانغلقَ الكتاب ُ

لك يا شتاء القلب أغنيتي

يطرّزها الترابُ

وحدي تواريخ المدينة

ارتقاء الذات في شبق الفراتين.. ووحدي

غائب ٌ في صمتك المجنون..

في العينين..

في القمر المهاجر.. مثلما

لولاك ما نبت الهوى

في القلب

واحترق الشبابُ..!!

صوت في وقت جائع

وخرجتُ  للخوف الشهيّ على شفاه الليل

أحملُ ما تجددَ في ثياب ثقافة هزلتْ من الكلمات..!

والمعنى القتيل..

فأنا صهيل ٌ شذ َّ من هذا التراب

كما ستصهرني الرياحُ

لأن قافيتي الفصول.. وأنني

آمنت ُ بالمعنى

وأنكرتُ التمظهر للحقول..

أبكي على موتي من المطر الذي يشدو

يقبل ُ جبهة َ الوقت المشرّد

في تراتيل النسيم..

سفن ٌ تصيح ُ.. ويلهث الرمل ُ.. ونحن

مثلما كنا.. كما كنا.. على أوراقنا نقف

ونهتفُ في هدير البحر

ضائعة جداولنا.. سنقطفُ صوتنا

ونبيعه ُ للقاع.. علّ القاع يمنحنا الوصول..

  • يا ليتني قمر- أحيا على وطني

يا ليته وطني..!!

يا ليتني وأنا.. حبّ يعذّبني..

وخرجتُ للخوف الشهيّ على شفاه الليل

وحدي في طريق غائب عن خيلنا..

القادمون

هم الذين توحّدوا في ظل هذا الوقت

والموتى

دمي..!!

هذيانات اللغة

في الهذيان نسفَ الطينُ ضحكتـَه ُ بالبكاء..

لذا أقدّسُ التراب

تماماً حثـّني مع الليل على التزاوج

  • ليته- يجدُني حلماً وأجده ُ أنا، أيها الهذيان،

   الرأسُ وصولك الأخير للقبّعة وأنتَ قصبة،

أقول أنتَ..

كما أشكّ بشراهة الحجر

القادمون بشقاء

على أن الحروف وطن،

حالما يطرق الصمتُ صمتـَه ُ.. ثانية،

أقدّسُ التراب.. تفاجئني..!!

…………

كم أذنَ للوقت قرار الشروع من معطف اللغة؟

اللغة ُ مذاقـُها هابط وليس إلا فراغ شائك

عرفتك أكثر حين احتفلَ الظل.. أيتها الصحراء..

بجدائل المغيب.

المغيب مياه نائمة   في سفر سندباد/ – أنا-

أنا لمماتي الموروث

أو مماتك في مستقيم مقبل..!!

…………….

أيها الصيف.. يا دمي.. هذيان البكاء يشتهي قدميك..

لكن بلا ظل.. الخريف يلتحف الفصول برحيل متكرر

-أيها الهذيان:-

أقدّسُ فيك المرور قبل وجودي

” بالتأكيد صافرة تحجر القطار”

  • إلى متى نسيرُ والأرض خلفنا تقيس المسافات؟
  • إلى متى وأصابعـُك ِ المشدودة حفاة ٌ هزيلون؟
  • إلى متى تتابعُ الشياطين ُ جرائم النجوم؟
  • إلى متى والحالة الجوية طقس مستمر؟
  • إلى متى.. متى تموت؟؟..!!

رؤيا

عندما تـُقرع ُ النواقيسُ

تجدون جثة َ طفل ٍ مرميّة أمام شبح القرن

الحادي والعشرين..

لم يكن مجنوناً – بل تمنى أن يرى العالم

في صورة لم ترسم بعد..

سارَ على رأسه

انزلقتْ قطرات ٌ من الدم لتكفّ بصره..

انطلقَ على قدميه

قطعوا رأسَه وتركوه

جلسَ ليحتلّ له حيّزاً من الفراغ

شيّدوا فوقه عمارة..

اضطجعَ على التراب

جعلوا من يديه سكّة قطار

استيقظ َ.. وماتْ..!!

التخطيط السادس

قلبٌ من الأبنوس

محترقٌ به مطرُ الشتاء

الورس   فوق الوجه-

يصحبُ لونَ شرنقة التورم بالقمامات

والليلُ طرّز يالكْفنْ

حتى يعيش الموتُ في أحلامه-

والطيف أخرس في خيال جامع

شاختْ يداه

من الشجن..

هو حزن ما جسّمته الروح من موتي

بوسوسة الزمن..!!

وطني

إلى محمود درويش

قاموسُ للقلق المشوّش بالهموم

صلبٌ من اللحم المثقّب – نقطة ٌ تمضي

لآخر هاتف..

كلماتـُه ُ.. قبس لنا

أحلامه ُ وعيونه وطن

سيمضي مرّة أخرى

يبحرُ في محطات مهفهفة

بأشرعة القوافي – مرّة أخرى

يلملمُ أحرفَ الضوء المبعثر

من وريقات الجدار الصلب

تولد ُ صرخة ٌ

من قلب مدفع..

مَنْ…

أظافرُ الثلج ِ على أناملهْ

مقصلة ٌ من نارْ

عيونُه ُ سحابة ٌ مقاتلة ْ

مخاضها غيارْ

منْ يحملُ الشتاء َ عن قوافله ْ؟

منْ يقلع ُ الأشباح َعن خياله الشريد؟؟

حتى يكون طيفه نهارْ

ورأسُه ُ

فتيلة لقنبلة ْ..!!

خيوط

قلقُ الأسفلت ِ في سوسنتي

ينسابُ في العيون

وطيفهُ

يعلنُ للسكون –

منْ يوقد ُ الشمعة َ في بصيص آه؟

من يسمو فوق دمعة الإله؟؟

للشمس ضوء ٌ ناعسُ الجبين…

يسبح ُ في القمر…. والأمسُ في سفر

ومثلما الفصول…

الشاعرُ المهاجرُ

“يغرفُ من بحر”.

شجر الروح

إلى فيصل عبابنه

ربما أتعبكَ الشوق ُ وحلم الفاتنات

والذي قد كان في عينيك للقلب حياة

هذه الدنيا.. أخي.. يا صاحبي

تلقمُ الإنسانَ  مرّاً وفرات..

هزّني إني غريبٌ ها هنا..

مثلما أنتَ.. كما أنت غريب

حين فارقتُ خيالاً.. كان في القلب وفي العين حبيب

فأنا يا صاحبي.. لستُ أنا..

بعدما فارقتُ أهلي والديار

فصباحي ومسائي في دمي.. والله نار..

يا أخي فيصل.. يا صمتي السجين

أنا في الكون.. عباراتٌ .. رهين

دعْ جراح الروح وانظرْ حولنا

إننا محضُ خيال ها هنا..

يا أخي الغائب.. في وحي الخيال

كلّنا في الأرض والكون سؤال

قد خلقنا.. فلماذا..

ثم نمضي.. فلماذا..

نحن في الدنيا سراب..

فدعْ الكون لما في ظلنا

فالذي يبقى غريبٌ مثلنا..!!

كلّه يمضي.. ويبقى في جدال

يا أخي الغائب في وحي الخيال

كلّنا في الأرض والكون سؤال

حرتُ لا أدري لمن هذا الوجود

يتوارى فيه آلاف.. وآلاف تعود

إننا يا صاحبي طيفٌ  شريد

ليس في قاربه غير القيود

فدعْ الكون لمن هم حولنا

فجراح الأمس أدمت شمسنا

وتعال الآن لي

إني غريب

يا أخي.. يا صاحبي

يا من أرى فيه ضياعي..

والحبيب..!!

1995

 

 

المؤلف في سطور

حسن رحيم الخرساني

العراق ـ ميسان 1963

بكالوريوس لغة عـربية..جامعة بغـداد..كلية التربيةـ 1994 م .

عضو أتحاد الأدباء العراقـيين 1987 م .

عضو أتحاد الأدباء والكتاب العـرب 1994 م .

عضو أتحاد الأدباء والكتاب السويدين 2005 م .

عضو المجلس الثقافي العراقي 2007

عضو الجمعية الدولية للمترجمين واللغويين العرب

عضو جمعية شعراء بلا حدود

عمل َ في مجال التدريس في الجماهـيرية الليبية خمس سنوات

له مشاركات كثـيرة في المهرجانات الثـقافية والأدبية التي تقام

في مختلف الدول كالعـراق..الأردن ..تونس …السويد…الخ

حصل َ على عـدة جوائز أدبية في الكلية

له المجاميع التالية :

1 ـ قـمر ليس للموت ـ دار ألواح ـ إسبانيا ـ طبعـة أولى 2002 م .

2 ـ سقـوط مـردوخ ـ ضفاف ـ النمسا ـ طبعـة أولى 2005 م . ـ سقـوط مـردوخ ـ منشورات تموزـ مالموـ السويد ـ طبعة ثانية 2005 م .

3 ـ صمتي جميل يحب الكلام ـ دار نعمان الثقافية ـ بيروت 2007

4 ـ تحت رغبات حقائبي ـ دار نعمان الثقافية ـ بيروت 2008

(كتابات حول مجموعة من الشعراء بالأضافة إلى نصوص أدبية)

 5 ـ أنتخبَ كمشرف ٍعلى منتدى قصيدة النثر في موقع أقلام منذ عام 2005 م .

6 ـ حائز على الجائزة الأولى في القصة القصيرة في منتدى دموع لبنان عن قصته ِ { مسلة الشمس }2006 م .

7 ـ حائز على جائزة { وسام القلم المتميز } في منتدى دانة نجران عام 2006 م .

8 ـ أنتخب َ كممثل عن مهرجان العنقاء الذهبية الدولي الرحال للثقافة والفنون والإعلام في السويد لعام 2007 م .

9 ـ  حائز على جائزة ناجي نعمان الأدبيَّة 2007 م ـ جائزة الأستحقاق ـ عن ديوان قمر ليس للموت .

10 ـ حصلَ  على شهادة تقديرية من الجمعية الدولية للمترجمين واللغويين العرب للعام 2008 .

 له مجموعـة تحت الطبع ـ أصابع الصباح  ـ

له ممارسات في القصة والنقـد

مقيم في السويد منذ عام 2001 م .

Jameil63@hotmail.se

 

الفهرست

      5- إهداء..

      7- مدخل الى قصيدة الكارثة.. تقديم: وديع العبيدي

القسم الأول:- سقوط مردوخ

22- هبوط إضطراري

  • تحت أثداء الدجلتين
  • عطل غائم
  • مذاق لمائدة معلّقة
  • وما أبرئ نفسي
  • كفن أسود
  • حليب الرغبات
  • هكذا تكلّم الليل
  • أنهار
  • فراغ لقمر الأسماء
  • ضحكة القداح
  • معاً كالمسافات
  • قصائدي تقود النجوم
  • بينما طفلة تضجّ بالبكاء
  • قيامة هادئة
  • بغداد عمامة للموت
  • ملامح لا تصفق
  • سقوط بعيد
  • رقصتي لغة مثلي
  • ظل لنعاس قادم
  • مزاج مهذّب
  • المعنى اتفاق خارج إطار المحسوسات
  • شارع الرشيد
  • صحراء الرطب
  • قهوة الأرض
  • أكثر تلاشياً
  • نخيل يتيم
  • أمشي.. كي أصلّي
  • كبرت بغداد لكنها.. قطّ لا تنحني
  • صبر العراق
  • إصدارات
  • الرأس الأقصى

القسم الثاني:- التشكيل السادس

  • توطئة
  • وشمعة تنتحر..
  • مقاطع
  • ترتيل في الضوء
  • سماء للوقوف
  • خارج القوانين
  • وراء الظلّ..
  • سرير المساء
  • قال الهدهد..
  • مطر النخيل
  • أصابع
  • خارطة السقوط
  • سفر المطر
  • مرايا الروح
  • شوارع النخيل
  • مساء دجلة
  • تواريخ غائب
  • صوت في وقت جائع
  • هذيانات اللغة..
  • رؤيا..
  • التخطيط السادس
  • وطني!
  • مَنْ..
  • خيوط
  • شجر الروح
  • المؤلف في سطور