تداعيات مراهق

     زمن عبد زيد الكرعاوي

       حط المساء فوق هامات البيوت العتيقة ، انه وقت لقاء فارعة ، تسلقت سلم الدار

ــ فارعة . فارعة

ربما هي مشغولة مع أمها ، لا يفصل ( سطحينا ) سوى ( تشريفه ) متآكلة من الحب ، فكلما اتكأنا عليها،

  أتلمس أنوثتها وتتلمس رجولتي تسقط بعض الحجارة . أشعلت سكارة يتيمة كنت خبأتها في زاوية من زوايا هذا السطح  ــ أسميناه سطح القمر ــ رحت أمارس التدخين الذي تعلمته منذ شهرين ومعه تعلمت اللعب بالكرتين ، ضوء سيجارتي يفتض بكارة الظلمة ، رميت عقب السكارة ،عاودت احتضان ( التشريفة )

ــ فارعة . فارعة

رميت بعض الحجارة الصغيرة نحو دارها ، الدار ممسكة بأذيال الصمت،تسلقني القلق فتسلقت ( التشريفة ) ، نزلت سلالم دارها بحذر ، الدار فارغة إلا من عطر فارعة ، في المطبخ ما زالت قدور الطعام ساخنة ، غرف البيت غير مقفلة ، دخلت غرفتها ، قطعة من ملابسها مرمية فوق السرير ، فيها ملامح اعرفها ، جلست على السرير أطالع صورتها المعلقة على الحائط قبالتي ، تمددت وتذكرت قصيدة حفظتها في ديوان القلب :

ويبقى الفتى أخضرا مورقا
وينشر مـن نايـه أغنيــات
وعن حلوة من غرين الفرات
ويومي إلى زمن نرجسي
  يطوف بأحلامه الشاسعة *
عن الليل والمدن الضائعة
ومن سحر أنفاسه نابعة
كعيني حبيبته الفارعة

 

غفوت على سريرها المحضوض وحلمت بأقتناصاتنا للحظات السعادة على سطح القمر وحلمت بأني اطرق بابها فتفتح خالتي أم فارعة الباب وهي تنشد:

هلا يا هوة إلهاب ثريا والكمر غاب

ومن جاني حمودي كل الفرح دك الباب

ــ من أين لك هذا الكلام المعسول ؟

ــ كانت أمك رحمها الله تنشده لك

ــ أنت مثل امـ …

جلست من حلمي فزعا على طرقات الباب

ــ أم فارعة . فارعة

  انه أبي ، ارتبكت وهممت بالهرب وقبل الخروج من غرفة (الحب ) أخرجت من جيبي مجموعة نزار قباني

 ( الرسم بالكلمات ) وضعتها على السرير كي تعلم إني كنت هنا . هربت إلى السطح ومن ثم إلى دارنا ثم خرجت إلى الشارع اختلس النظر إلى أبي وهو يطرق على الباب وينادي على أم فارعة . لهفته على أم فارعة كلهفتي على ابنتها ولو تزوج منها يصبح من السهل زواجي من فارعة ، خصوصا وانه كان دائم القول لآم فارعة ( فارعة صارت مرة )

  • عذرا سادتي القراء لأن مؤلف القصة لديه مداخلة
  • المؤلف : أعزائي القراء إن محمدا بطل قصتي وهو الراوي وقد أحسست من خلال روايته انه ينحى بالقصة نحو خاتمة لم اخطط لها ، واراه يريد لهذه الخاتمة أن تكون سعيدة مثلما يشتهي أي مراهق أخر ولاحترامي رغبته أضع أمامكم خيارين ، الأول أن تتابعوا الأحداث معي في التصنيف

    ( أ ) أو تتابعوها مع البطل الراوي في التصنيف (ب) والراوي في الحالتين سيبقى هو البطل

 

 

 

( أ )

تقدمت نحوه ، فصدر قلقه إلي ، حاصرتني ستائره السوداء وقبل أن تأخذنا الظنون مرت جارتنا أم سعد ، فسألها أبي عن أم فارعة وابنتها

ــ  لقد ذهبتا إلى منظمة الهلال الأحمر لاستقبال أبي فارعة ، فقد عاد من الأسر .

هربت إلى غرفتي ، فقد قبض الحزن عليَّ وسيقطع رأس سعادتي ليرميه في طرقات الظلمة بلا هوية وستسجل القضية ضد مجهول . فتح أبي باب غرفتي والابتسامة تعلو وجهه إلا انه حين رآني على هذا الحال خفتت ابتسامته

ــ ما الأمر يا محمد ؟ لماذا تبكي ؟

ــ لاشيء أبي ،إنها دموع الفرح لرجوع أبي فارعة بالسلامة

هز رأسه بالموافقة ، عجبا ، لم هو غير حزين ؟ أتردده على دارهم كل يوم من باب العطف  ؟ إذاً ليس هناك من عاصفة ستهب على ورود حبنا ، وسيأتي الوقت الذي اقتسم وفارعة رغيف الحب المتلظي في( تنور ) قلوبنا . كان الليل يتوغل كل دقيقة في أزقتنا الملتوية ليخيم بظلامه فوق بيوتنا المساندة لبعضها البعض والمتكئة على بعضها البعض ، النوم هرب بلا رجعة ، تارة اقتنص فراشة الحب الملونة وتارة تقتنصها عناكب الخوف بشباك القلق ، وبينما أسابق العناكب لاقتناص الفراشات ، توضأ وجه الليل بالهلاهل ، لابد أن فارعة وأمها وأبيها قد عادوا إلى الدار. في الصباح كنت وأبي نتناول الفطور

ــ سنذهب بعد يومين لزيارة أبي فارعة لعلنا نحمل في زيارتنا بشارة وفرح

أي بشارة يقصد وأي فرح؟ أمعقول إن حبي لفارعة باد علي ، ربما ستطرق السعادة باب قلبي. عاشت منطقتنا يومين من الفرح بعودة الأسير . هممنا بالخروج نجر خروفا اشتراه أبي بمناسبة عودة أبي فارعة ، استقبلنا الرجل بحفاوة ، فله وأبي ذكريات جميلة ، سجون الأسر أوصلت قطار الشيخوخة لمحطات هذا الرجل باكرا جدا ، أبي وأبوها يرتشفان الشاي والحديث وأم فارعة تحضر واجب الضيافة وأنا وفارعة نرتشف النظرات فنسكر بها ، لكن أي سكر يبعدني عن سماع كلمة زواج ، سمعت أبي يقولها ، لقد ذابت فارعة كقطعة سكر مسها الماء وهربت إلى غرفتها وأنا أتصبب عرقا ، عاود أبو فارعة الحديث مع أبي

ــ تطلب ابنتي للزواج ؟

ــ نعم لتكون فرحة عودتك بفرحتين

ــ ألا تعتقد انك كبير عليها ؟

ــ ما زلت بقوتي

ــ ولكنها صغيرة عليك      

لقد أطبق القدر قبضته عليَّ وبدأت الأرض بالدوران بسرعة أفقدتها جاذبيتها .

 

***********************************

 

( ب)

تقدمت نحوه

ــ ما الأمر أبي ؟

ــ خالتك وبنتهه مو بالبيت

ــ ربما خرجتا

ــ مو من عادتهن يطلعن بالليل

كدت اغرق في بحر التفكير لولا مرور جارتنا أم سعد

ــ شلونك أبو محمد ، أم فارعة أخذت بنتهه وراحت لبيت اخوهة مريض

عدنا إلى البيت ، أعددت شايا ، رحت وأبي نرتشف الحديث

ــ أبي ، ما رأيك بي ؟

 

ضحك بقوة ، واهتز جسده كعادته حينما يضحك من أعماقه

 ــ أرجوك أبي ، الأمر جدي

ــ زين  زين وليدي ، أنت خوش ولد

ــ ولد أم رجل ؟

ابتسم ونظر إلي مطولا كأنه يتفحص كلماتي أو ربما يتفحصني

ــ والله أنت خوش رجال بس المهم المدرسة

كلماته عرتني وأفقدتني عنصر المباغتة

ــ ماذا تقصد أبي ؟

ــ وليدي أبوك مفتش بالتيزاب وميخفى علي شي لا على سطح الأرض ولا على سطح الكمر ، انجح هالسنة ونخطبلك .

 

       المؤلف : أعزائي القراء إذا لم تعجبك أي من النهايتين يمكنك كتابة النهاية التي تريد وأرسلها

                    على عنواني في الآخرة

                                      

لأن رولان بارت قتلني

 

 

________________________

  • من قصيدة للشاعر عبد الهادي احمد يسر الفرطوسي