” المجموعة الشعرية ” صمتي جميل يحب ُ الكلام
حسن رحيم الخرساني
ودراسة نقدية لها للاديب علي سعدون
مدخل :
قليلة هي التجارب التي عملت على استثمار المعرفي في قصيدة النثر على أنه بوح يسبر أغوار النص ولا يطرحه كمادة مجردة من المرجعيات والغايات بل يتعامل معه على أنه – مادة مشبعة بكل ما يمت بصلة للحياة – فكرا ومعرفة وغايات ونتائج وهذا بالضبط ما يحاول أن يقدمه الشاعر حسن الخرساني في صمته الذي يحب الكلام / إذ تنطوي العنونة هنا على مفارقة تكاد تفضح المجموعة برمتها / مفارقة مفادها أن الصمت الذي نحن بصدده الآن ليس بصمت من قبيل حبس الكلام فضلا عن كونه كلاما آخر يجاور الكلام ذاته / واعني هنا لا وجود للصمت على الإطلاق / فثمة بوح يقف على مقربة من الكلام والصمت معا ..، يعمل على تنطيق العبارات كلها ( إذا جاز التعبير ) من خلال صهرهما معا في بوتقة واحدة لإدانة العالم كله على انه يصمت كثيرا ويثرثر كثيرا دون جدوى / والشاعر إذ يصمت هنا – استطيقيا الصمت – فأنه لا ينسى أن ينطق بصمته أيضا على انه تحريض الصمت على الكلام .. ، والمتناقضات هنا تمثل السبب الرئيس للحراك الثقافي والمعرفي في النصوص ( نصوص المجموعة ) واقصد أنها نصوص ذات طابع عفوي المعرفة ، إذ لم يتقصد الخرساني زج الأفكار والإحالات في النصوص بل إنها فرضت نفسها على النصوص رغم إرادة الشاعر نفسه بطريقة انسيابية تؤكدها عفوية البناء وسلاسته ، فنصوص من قبيل : ( صمت ابيض ، شتاء مبلل ، بغداد على طاولة العالم ونصوص أخرى كثيرة حفلت بها المجموعة ) إنما تظهر انحيازا واضحا للدلالة على حساب المعنى دون أن يفقد المعنى العميق الذي توخاه الشاعر طريقه إلى إيجاد منطقة لتقديم ماهو جديد ومهم في النص :
أعمى ذلك الباب
!! لا يتسعٌ لصرخة أمي
ومثل ما حفلت النصوص بالمعرفي والفكري حفلت أيضا بحميمية العبارات وقدرتها على التماثل الغنائي الذي يعد من الضرورات البنائية أحيانا ، وربما يشكل هذا التماثل مبررا لوجود نصوصا موزونة ذات طابع ذهني لكنه يلجأ إلى ذات الأفق الذي شكلته نصوص قصيدة النثر لديه ، واعني هنا نفس آليات الاشتغال ، بل انك من الصعب أن تميز بين النصوص الموزونة والنصوص النثرية وهذا بتقديري الشخصي أمر في غاية الصعوبة عمل الشاعر حسن الخرساني على إقناعنا بالمجاورة الفنية لهذين الاشتغالين المختلفين ..
في قراءتنا لـ (( صمتي جميل يحب الكلام )) ينبغي أولا أن نعيد صياغة كل الأشياء التي يجترحها الشاعر لكي يتسنى لنا قراءة ما يمكن أن نسميه قصيدة نثر تحتضن الفكرة كما لو إنها نصوص الرائي الوحيد ، ذلك الرائي الذي يترك أثرا على مشهد الحياة الدامي ، والذي لا يمكننا تدوينه إلا من خلال الصمت ، الصمت المنبثق عن الكلام ومن الكلام .
علي ســــــــعدون
العراق / العمارة / شتاء 2007
” المجموعة الشعرية ” صمتي جميل يحب ُ الكلام
حسن رحيم الخرساني
شعر 2006
توطئة :
الطريقُ يوهم ُ الشهداء َ بالصباح . تعالي ـ أيتها الشمس ـ
أنهم صلا تُكِ التي تطهرُ الروح .. أنهم الشهداء
ـ نورٌ بلا مكان ـ تتوحدُ فيهم قصائدي المبهمة تماما ..
تلك التي تكنسُ الألتباس والمفارقة بين الخيط الأبيض والخيط الأسود
من خلال الكلمات وعصا خيالي ..
تُرى هل يفكر الرحيل بأنّ المكان الذي حمل َ قامتي هو خطأ ٌ أيضا
ـ خطأ ٌ ثابت ـ لقبوله هذا الدوران الذي لا يستقيم إلا على فكرةٍٍ واحدة
هي الخروج من شهوة الظلام إلى تنفس النور.
ـ النورُ خاتمٌ للفرات ـ وهَبْتهُ لَهُ السماء..!
ويبقى الفرات ثوبا ً لكل العصافير وبستانا ً لك َ
أيها المستقبل..
لا أحد …بأتجاه أحد
والنخلة بلا رأ س
وأنا أعجنُ أختلافَ الضوء
جاءتْ إلي نخلةٌ ـ بلا رأس ـ
حررتْ هشاشتي بوابلٍ غامض..
وحررتني من هذا التآكل..
في هذا البرد
النخلةُ بلا رأس
وأنا مازالتُ واقفا ً..لا مُنحنيا
أعجنُ أختلافَ الضوء..!
تسألني طفلة ٌ
يهمسُ لها الموتُ بالنوم
ـ لماذا نجومُ العراق تصطادُ قلبي ؟
لماذا قمرُ بابل كفاكهةِ الجنة ؟؟
لماذا ليلُ عشتار يُغني بطعم التأمل ؟؟؟
تسألني طفلةٌ
وأنا أعجنُ منتصفَ العمر
كي تطمئنَ الطفولة ُ..!
وحتى أُحددَ نهرَنا المنتطر
أقول لها
النخلةُ بلا رأس ـ النخلةُ أمي ـ
دخلَ الفاتحونَ ثوبَها
وأطلقوا على عيوننا وصايا القبور..!
في جهةِ ما
يُتابعُني الداخلُ
ويؤكدُ لي ..غيابي
مُترنحا أمام نفسي
غارقا في البدايات
أفتحُ نصبَ الحرية لتدخل إرادتي
عاريا كالمدى
أغوي هزيمةَ الغسق بالعودة
متمردا ًعلى الذكريات
لهذا الوطن خيط ٌ أخرس
اشتري تورطي بالخيال ..لا لشيءٍ
إلاّ لإشباع غريزة الترنح ..وأمامَ نفسي.
اليوم يسألني الحليبُ
حليبُ رائحة الخبز..وحياءُ القرويات
حليبُ الاس المبارك …وهيامُ النوارس
اليوم يسالُني قلقي ..أهربُ
ثم أعزفُ لحنُ هروبي
وعلى الرغم من تورطي بالضياع
أمزجُ نشيدَ التوهج بروح ثيابي
وأرقصُ .. أرقصُ .. أرقصُ
ينهضُ من جمجمتي طقسُ المقابر
تنهضُ جثثٌ تكسرُ كلَّ المرايا
تنهضُ غيومٌ ليسَ لها لهجتي
تقصفُـني
وتقولُ :
ثملٌ هذا النور
ثملٌ ..وثقيل!
في جهةٍ ما
يُتابعُني الداخلُ
ويؤكدُ لي ..غيابي
وحتى احدد
أحتاجُ تشردي
أحتاجُ بعضا من المكان
أحتاجُ لونكَ ـ ايَّها الليل ـ
مثلما عّودتَ تبعثري
لي أختلاف الضوء
ولي طفولتي التي توصلُ معي
لغةَ الأختراق
ايّها النخلةُ ..لا مفرَّ
العطشُ جسدٌ
نصفُهُ أنا
والأخرُ أنتِ
في جهةٍ ما
يُتابعُني الداخلُ
ويؤكدُ لي ..غيابي
سأمنحُ اللاقرارَ مسافة اللغة
لينطلق هذا الكهف الطيني
لا وقوفَ
في بلادٍ أمنحُها الحلمَ
وتمنحُني ديدانَ المحطات
قالتْ بغدادُ
أُعانقكَ لترطبَ انوثتي
أحسُ بخجلٍ يمسكُ مطري
الليلُ مهربٌ لتورط الكائنات
وأنتَ طيفٌ متهورٌ تُداعبُ اذنيَّ
قالتْ بغدادُ
بكارتي من شمس
أُمارسُ اللّذةَ بالنور
بين فخذيَ يرقدُ البحر
ويتكسرُ الزفير
قالتْ بغدادُ :
كلُ الطرق تؤدي اليكَ
سأمنحُك قدميّ أيُّها المخُيف
ـ القميصُ تُشيدةُ الصحراء والسقيفةُ واحدة ـ
سأجعلُ جذعَكِ أيتُها النخلةُ
ـ والتي بلا رأس ـ موجةً لطفولتي
فورائي كتلة ٌ من المنفيين
تفتتُ ألوانَهم سفنُ الشوق
وحنين يزدحمُ بالخصوبة
لا سبيلَ لكِ ـ أيتها الارواح ـ
تاريخُنا أصلعُ الرئتين
تحملُنا الخيولُ المقدسة ـ وبلا حقائب ـ
نرشقُ الفضاءَ بالنفايات
لا نوافذَ ليُقاسمنا القمرُ لعبةَ الجمال
أنفاسُنا تفترسُنا بالضجيج
لا وسادةَ لعيوننا السوداء
نفتحُ البابَ لأمعائنا الغليظة
أحلامُنا في مستنقع الهزائم
نديمُنا هاجسٌ أنيق ـ يدعو لنا بالدخان ـ
لا سبيلَ لك ـ أيتها الأرواح ـ
مادامَ المكان يُزيفُ السائلَ المنوي
ليستنسخ جهنم
في جهةٍ ما
يتابعُني الداخلُ
ويؤكدُ لي ..غيابي
أربطُ السوادَ با لعزلةِ
واجلسُ باحثا
عن الرؤوس التي غطستْ بالفجيعةِ
أمزجُ طرقَ الأرامل بالفساد المبرر
أصيحُ بـ علي الوردي ـ 1
ليُرتبَ هذهِ الولائم على طبق التاريخ
أنهضُ بلا جسد
أُسيجُ البقعةَ التي أنجبتْ تلكَ المقابر
أقفزُ بأتجاه أحلامي ـ أنا القادمُ من عشتار ـ
قدري قطارٌ يطحنُ تفككي في الليل
مرينَ بيكم حمد ـ 2
القهوةُ ترفضُ المكان
والهيل نطَّ الى الدموع
ليواصلَ التلاشي
أيتها الدلالُ اليتيمة
عاطلٌ أنا مثل نملةٍ عرجاء
أقفُ امامَ بوابةِ الدم
وأقول :
أدخلوا نجومَكم ايَّها العراقيون
لا تُحطمنّكم تلكَ الكراسي العمياء
أنا العاطلُ عن الذوبان
عمامتي من التمر
أعترفُ لأمواجي بالحب
أذبحُ لها الكلمات
قربانا لشعاع عطلي
متيمٌ أنا بتموز
لكنّ القنابلَ
أورثتْ أجسادنَا رياح النوم
ورغم تورطي المستمر
أربط ُ السوادَ بالعزلة
وأصيحُ بـ أبي ذر ـ 3
منفيونَ
لكننا نحملُ هواءَ العراق ببقايا الروح
نحملُ تلكَ النخلةَ ـ والتي بلا راس ـ
منفيونَ
لكنّ لنا لغةٌ تحطمُ الحجر
في جهةٍ ما
يُتابعُني الداخلُ
ويؤكدُ لي ..غيابي
قائما أُبشرُ الضوءَ بي
أنا العودةُ الباقيةْ
تعرفُني لغتي
قلمي ـ نخلةٌ بلا راس ـ
لا موتَ لي
لكنَّ الترابَ أحاطَ بصورتي
وهزَّ بجذعي الذي أدركَ اللعبةَ
وجاءَ الرمزُ بغايته ِ
ـ الغرفةُ ضيقةٌ ـ
وأنا صوتٌ من عصرٍ أخر
وشعاعْ.
وأنا حليفُ الظلامَ والفوضى
أتلذذُ بحريتي في جوف الليل
وأُرتلُ
ـ لا أحد..بإتجاه أحد ـ
أرجمُ رائحةَ الصباح
بأسئلةٍ من نهر دجلةَ
أُعاكسُ ملوحةَ الفحر
بدفوف اقماري
أُحاصرُ المسافات باجتثاث الزمن
أنا المباغتُ لي
أرفضُ غيبوبة َ المذبحة
في جهةٍ ما
يُتابعُني الداخلُ
ويؤكدُ لي ..غيابي
وأنا أُ شاكسُ الأضطراب
أنفجرتْ فكرة ٌ مفخخة
أمامَ حوارٍ أخرس
سقطتْ حرفٌ قتيلةٌ
وكلماتٌ أصابَها التأمل
في تلكَ اللحظة
جاءني الفراتُ
يزحفُ فوقَ جثثٍ
تُشكلُ رأسي
وأُخرى
نزفتْ
نزفتْ
حتى أدركني الغرق
في جهةٍ ما
نخلةٌ بلا رأس
نخلةٌ
وغياب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هامش
(1) باحث تاريخي وأجتماعي عراقي
(2) أغنية عراقية من كلمات الشاعر مظفر النواب
(3) صحابي جليل
صمت ابيض
تنتمي بوجودها النحيل
لقداس الهواء
ومثل ايِّ غيمةٍ عابرة
تختفي إلى الأبد!
تصارع ُبعينيها الغائبتين
فحولةَ المطر
تُداعبُ أنوثتَها المُمغنطة
بشئٍ من الهذيان
توزعها النظراتُ إلى نجيماتٍ ضائعة!
تُحيلُكَ بفمها الضاغط من الحب
إلى عصفورٍ عنيد
يُطارحُها لعبةَ الصمت..
إنها الزجاجُ البارد..لا شيء
إنها لا شئ …سوى
تلكَ الضحكة التي تغيب
حالما يُعاكسُها النهر.
إنها الطريقُ المتيمُ بالعابرين
سأرسمُ لها قلبا من رصاص
ربما
يُحيلُها الى ساحةٍ للقتال
أوساحةٍ
للحب.
شتاء مبلل
أنا لغةٌ أعرفُهاi
.. تعرفُني لغتي
أدخلُها من جسدٍ آخر
تكرهُ لغةَ الحرب..
تبكي .. وتنام!!
لغةٌ تمشي .. وتفكرُ في الضوء
أعرفُها قبلَ الموت.
تهمسُ للنهر كطفلٍ يتوحد
تركضُ أحيانا مثل الحلم..
تنسى … تتذكرُ
تستيقظُ قبلَ الشمس
تمنحُني أسراراً
وتغيب!!
سندبــاد
إلى : عقيل علي
على وجهكَ بابٌ غريب
وأمرأةٌ اثداؤُها مقابر..!
تشاهدُ دجلةَ يئنُ بنبض الفرات
فتبكي العصافيرُ والقمر..
تشاهدُ ارواحَنا في النخيل
تشاهدُنا ـ كلُّنا في سفر ـ
على وجهك
هذا القتيلُ .. القتيل
وطفلٌ تهمشُهُ الطائرات
وطيفٌ يدمدمُ
هذي الحياة ؟!!
بعيدا ً
وأنت القريبُ البعيد
على وجهكَ
أمي التي صوتُها لاينام
تُسبحُ حتى الصباح
بعيدا ًعن الدمَ والحاقدين ..
على وجهكِ سرٌ دفين
وليلٌ تمردَ فيهِ الظلام ..!
على وجهكَ هذا السفر
وهذا الرصاص الغبيُ
على وجهكَ
صيرورتي والسؤال
وتلكَ الحكايات
يا سندباد .
أنهار من نور
معي طلقةٌ أخرى
وزنبقةٌ … وطفلهْ
ومعي حزنٌ لأرملةٍ
وصوتٌ غائبٌ مني .. ونخلهْ .
ومعي أحملُ نهراً صامتاً مثلي
وقبله ..ْ
ومعي قلبٌ ينادي ياعراق
ومعي كُلي يناجي الله
من هذا الفراق ..!
ومعي أمي التي أرتحلتْ
وضمَّ رحيلُها نبضي
ولا شيٌ معي..
لا شئٌ
الاصرخة ً
من بعضها ..بعضي
وبعضي ليس لي
من دون نوركَ
ياعراق
بغداد على طاولة العالم
اليومُ أفتحُ للقصيدةِ بابَها
وأطيحُ اصرارا ً بهذا البرد
أرسمُ دمعتي قمرا ً
وآلامي نوارسْ ..
أنا حارسٌ لنهايتي
ونهايتي طفل ٌ يُقبلٌ موتَةُ
يبكي .. ويضحكَ
مثلَ نورٍ خافتٍ
لكنَّ فيهِ من النخيلِ توهجٌ
ومن الفراتٍ أنوثة ٌ أُخرىٌ
تقبلٌ ما تشاء من الكواكبِ
اليومُ أدخلُ مُسرعا للموت
أسرقُ ثوبَهُ
وأطوفُ في كلِ المقابر
مثل صمت الشمس..أدخلُ مسرعا
وأعودُ من حيثُ ألتقيتُ الموتَ
أرسمُ شارعاً
يمتدُ من قلبي .. إلى بلدي
أحطُ عليهِ دجلةَ ..وردةً
وبقايا حلمٍ في يديهِ قصائدي
اليومُ أرسُمنُي على كفنِ العيونِ
قداحةٌ تهدي نشيدَ جمالِها
عطراً.. ومرآة ً تُطيلُ تأمُلي
فأنا حديقةُ أمة ٍ ثكلى .. وتذبحُني
هي أمةٌ ولدت
وماتت قبلَ أنْ تحيا
وماتتْ قبل َأنْ ..!
اليومُ أفتحُ للقصيدة بابهَا
وأقولُ لن .. !!
هي دجلةُ
قد أرضعتني حليبَها
قد أورثتني لعبةَ التكوين ِ
والروحَ التي أوحى لها..!
هي دجلةُ
وأنا سليلُ الريح .. أمطرُ ما أريدْ..
اليومُ أرسمُ للعقاربِ من جهنم صوتَها
وأصيح ُ فيها أنني بغدادُ .. لا
هل من مزيدْ ..!!
هذا هو الجسدُ الذي غادرتُةُ
ودفنتُ فيهِ الخوفَ والظلماءَ
والحقدَ العقَيمْ
اليومُ أفتحُ للقصيدةِ سَّرها
أمضي بلا لونٍ كمأساتي
ومأساتي على طاولةِ العالم
لا لون لها
الدمعُ .. والدمُ .. واليتامى .. والاراملُ
والحضارةُ
هل من مزيد..!!
لا لونُ
حتى للهواءِ
وللترابْ
اليومُ أفتحُ قامتي جسرا ً
وأرسمُ
كل َّ أنواع الخرابْ
***
ضوء بــارد
1
ثقيلةٌ لغة ُ الشمس
وهي تُعانق المدارَ المنفي
على ساحل الرأس .. وأيام
أسسها الليل
2
أعمى ذلك الباب
لا يتسعٌ لصرخة أمي
3
كلَّ منا لَهُ مستحيل
يدل على المواجهة
4
لابأس
جميعكم بأتجاه الكلام
لكنكم خسرتم المهمة
حينَ سقطَ الضوء ُ
مبتورُ التوحـد
تحت رأية ِ أحزابكم
والمكان
5
بفعل البدايةِ
يكتشف الزمنُ وجود الصمت
وبفعل النهايةِ
يكشفُ الصمت خيانةَ الزمن
6
السماءُ في رحيلٍ دائم
لذلكَ أحبُ المطر
7
قالَ .. قالتْ
قالوا .. قلْنَ
ـ القولُ واحدٌ ـ
8
السيد ليس صدسق السيدة
لعدم تماثل السينيات
9
إننا اخرُ مجنونين
حدَّ الألتصاق.
10
مثل تفاحة ٍ غبية ٍ
نهدُك المتسخ .
11
ٍ يتنفسُ صاحبي جلدَهُ
لأنَّ السماءَ قنبلةٌ
والأرض نملةٌ حافية
12
الأصوات ُ قوانين
والحروف ُ تخلدُ الحجر
13
الظلُ ضوءٌ بارد
14
الشكُ رجلٌ أعمى
يقودُهُ الظلام
15
أنا الضائع ُ في ثالوث العالم
أتجرعُ خوفاً طاردَ راسي
قبل سقوطي على كوكبكم
16
نامي في رئتي
قبلَ شروعي في قتلي
فالبردُ شديد
17
صوتُكِ مطرٌ أبيض
18
وضعتُ نفسي في الحلم
وخرجتُ بلا ذاكرة
خجـل فـراغي
في مساء البحر المتوسط .. جنوب وجهي
تجهضُ الريحُ .. بقايا شفاهٍ تُحدقَ
تجهضُ الريح .. نساء ماهرات في تهدئة الجوع
تجهضُ الريح .. مشانقَ الخبز وهي تتعلق على عيونكم
تجهضُ الريح .. صفيرَ دماءٍ تنتظر
تجهضُ الريح .. طالب جاسب الكعبي
حسن قاسم الياسري
عبد الحسين برسم الحمداني
تجهضُ الريح .. دجلةَ .. ومقهى نوشي
سوق الجمعة .. وشارع التربيهَ
تجهضُ الريح .. نساءَ ميسانَ النخيل
قصائدَ انفجارٍ أعمق
تجهضُ الريح .. اضطرابي من خجل فراغي
في تلك اللحظةِ
ينشطرُ البحرُ
ووجهي..
والعالم
*****
تحت مجهرٍ آخر
1
صياحُ الديك أحرقَ زرقة السماء
فأستقلتْ نجمةٌ ضوءَها لتولدَ
رصاصةٌ من حنجرة العصفور
تُشذبُ طرقَ الفصول
وتختمُ نهايةَ المعجزة بشمع العقل
2
بكأس غابة الشعراء
ينامُ البحر.
3
المسافاتُ لاتقاس
مادام الوطنٌ
لايستع لأمرأة .
4
خيول الرأس
لم تصل الى نقطةٍ واحدٍة.
5
كثبان من الضوضاء
شواربهم شكلٌ منفرد
عن قاعدة الإنهيار.
6
الليلُ براثن
من أحداق الخفافيش.
7
الفايروسات
شلالٌ متواصلٌ
يُهشمُ الحجر.
8
اصابعُ ـ 1990ـ تتآكل
ربما من حُلمٍ أشرس
أو من ظلٍ لا يتَمدد.
9
المكانُ أمرأةٌ
رغيفُها الطاعون
الوقتُ يُعفنُ الذاكرةَ .
10
المطرُ ينثُ الأحلام
المنطويةَ في قبعةِ النجوم
خلافاً للحافلات اللائي طلقنَّ الشوارع
وتزوجنَ المزدوج
11
في محراب ٍ رطب ٍ تفتح َ البَيْضُ
شربُ الجميعُ رؤوسَهم
أنقلبتْ الموازينُ في نبوءة ِ العراف الأخرس
أمرأةٌ من دائرة الفصول
حملتْ جذام الموتى
في قنينةٍ فارغةٍ
القرن المقبل
يرفضُ المساومةَ مع الفراغ
مثلما يحلمُ الحكماء.
12
تثائبَ برنين ثابت
وبزمن ٍ لا محسوب
خالقا ً لبطنهِ مناخاً للكلمات الرخيصة
بنفس القياسات
تقيأ الشتاءُ
قبل أن يُحاكم الصيف
لتواطئهِ مع ملك النار الحجري
لذلك أتخذَ المشتري
مساراً تكنولوجيا
لتلافي الخطأ .
13
أنا على يقين
أنّ اولَّ مَنْ يتاقلم
آخرَ مَنْ يُصابُ
بمرض المفاجات.
14
أمس أحتشدَ الناسُ
أمامَ مرايا بلا لسان
مما أطالَ فرح الفار
الرافض مقابلة الشارع الأصلع
وهنا أنتفضَ اذار برعد ٍ متواصل
ان التفككَ أمرأة ٌ واحدة ٌ
في العالم ..!
15
تساؤلات ٌ كثيرة ٌ
عن أطلاق الرؤوس العرجاء
الحفاة الذين حققوا وجودهم
بخلية الغربان الميتة.
16
هل التي استفزتْ العيون
وأنحنتْ أمامَ رد الفعل
حقيقه .. ؟؟
أم الفعل مُفتعل ..؟؟
سيول مُعشعشةٌ تنيرُ الإ نشطارات
في قلب الزمن
المبهم..
17
القلقُ المنفردُ لرأسي
حينَ أفقدُ أواصر الأنفتاح
ـ ذكرياتُ الشاي ـ
من هنا .. كان الصدى الذي خلّفهُ
آخرُ البراغيث
حينَ ألتهمَ شكلَ ذبابةٍ
والبقرةُ التي بقروا رأسها
بضجيج الفراغ
المتسرب من نوافذَ ثلجية
حجراً اثقلَ غيثَ الراس
مما جعلَ كواكبي
تتعطشُ لطرق ثانيةٍ
*****
تحت عباءة امرأة جنوبية
حتى يصرخُ ..
لابدّ للنعوش من الثبات
لابدّ للنفوس انْ تحولَ النومَ
إلى نخيل..
لابدَّ لي أنْ اكتبَ الدخان
بطريقة الأمنيات..
لابدّ للجسدِ أن لايُتاجرَ بالعيون
حتى يصرخُ ..
أرسموا للشوارع العطش
كي ينامَ الهواء ُ..
أرسموا للطائرات نهارَ الطفولةِ
على شفاه دجلةَ .
أرسموا للقذائف شمساً من الحب ..
أرسموا للغزاة قلباً من المطر
يستدرج ُ المعاصر..!
أرسموا للدماء زهرةً بيضاءَ تحمل ُ الوطنَ
على أكتاف النوارس
أرسموا لنا بحراً من الخوف
يُقاتل ُ معنا..!
فالشجاعةُ هيكلٌ أجوف
حملَهُ الصليبُ بلا قوانين
وحتى يصرخُ ..
أقذفوا السماءَ بنزيف ٍ من النبض
وبلا مآذن .. أخرجوا جميعكم ..
جميعكم أيها الحسينيون ..!
نجوم وأغنيات
المسافةُ تعبتْ .. والطريقُ طويل
رمالٌ من الدمِ والذكريات
هواءٌ ينوحُ
وموتى تُسبح ُ بين َ الشفق ..!
ـ وهذا النفق ـ هو الطائرُ المستمر
لكلِ النخيلْ ..!
المسافةُ حبلى .. وهذا السلامْ
تنازلَ عن قلبهِ وارتحل
كأني أرى جثتي نورَها .. يحدقُ
فينا ويرسمُنا برزخا للكلامْ .
المسافةُ أمرأةٌ عاريهْ
تُهدهدُ ائداءَها الباقيهْ
وتدخلُني كي تُطيلَ السفر ..
وتمشي الرياحُ معي
أنا الطائرُ المستمر
أموت لتحيا الورود ..
المسافةُ تعبتْ
والطريقُ يُناشدُني بالرجوع
لكنّ أمي التي زرعتْ شمسَها
لا تجوع.. لهذا سنمضي ..
أنا والدموع لنكتبَ سرَّ المطر
ونطبعَ فوقَ جبينَ العراق
نجومَ الفراتين
والأغنيات
منشغلٌ كان قبري
1
أصرخُ عبرَ محطات رؤوسكم
ليس لي هذا العالم ..ليس لي
فأنا أكره النور..أمقتُ الظلامَ
أمقتكم جميعا ـ ايّها الترابيون ـ
اليوم
أحتفلَ البردُ بغياب القمر
لهذا رقصَ بلا توقف
مُعلنا قيامةَ اللّذة وسماء الحالمين .
أمس
التهم َ بثلوجهِ شراينَ الأرض
راسماً قامتهُ البيضاءَ
دونَ ضبابٍ يُذكر..
أنتفضتْ نملة ٌ مراهقة
لتكشفَ سوادَ العالم
خلفها حفنة ٌ من العناكب
وأرامل تُهرول .
قال صاحبي
أبحثُ عن ثوبٍ
يُناسب ُ جمال َ الصمت
ومطرٍ أغسلُ فيهِ صراخي
2
هذهِ المساحةُ من الذاكرة
تختزلُ صياحَ الديكة في العالم ..
تختزلُ تأوه الذين يضاجعونَ
نسائَهم بعدَ جهدٍ جهيد ..
تختزلُ رطوبة َ الخصيتن على دكة الحكم ..
تختزلُ كارثتي أنا
أنا
تلكَ الجثةُ التي تركضُ في عيونكم
وتبحثُ عني !!
هذهِ المساحةُ تتمطى
وتطحنُني كلمات
هذهِ المساحةُ لاريب َ فيها
هذهِ المساحةُ بطونكم
أيّها المشوهون تحت الفروج
الفروجُ التي تصطكُ على أفواهكم
وتنفخُ فيها سرَّها الدفين ..!!
هذهِ المساحةُ تلتهمُ قامتي
وترسم لكم موتَ بابل
وسقوطَ مردوخ
على أبواب القرن الحادي والعشرين
إنها لعبةُ الشياطين
لا ناقة َ لي فيها
… ولا قارب
لماذا ـ أيَّها العظيم كلكامش ـ
زرعتَ في سواحلي صوتَكَ الخالد
ثم تركتني بينَ القردة
جعلتَ أنكيدو حقلَ تجارب
لماذا ـ أيَّها العظيم ـ
ينزلُ الفراتُ عن عرشهِ
ودجلةُ أرملة ٌ بلا وطن
لماذا العصافيرُ تبيعُ أصواتَها لقاءَ الخبز
لماذا النخيلُ طلقَ الرطب
وفتح َ ساقيه للرمال
لماذا أنا ـ تلك المساحةُ ـ
وأنتَ ـ أيّها العظيم ـ كالمساء!؟
قال صاحبي ..
اليوم أداعب ُالحافي *
حتى أتركَ هذا السيلان
يجرفُ جميعَ خسارات الأمة العربية
3
أنتزعَ صوتَهُ توهجي
وقادني بمسلتهِ إليه ـ إنهُ حمورابي ـ
أخيرا ً اشترى تنفسي
لكنّه
أقتلعَ رأسَه وغادرَ القاعةَ
غادرَ بقامتي
وأنا أكتبُ نهايةَ المهاجرينَ
قالَ صاحبي
كلهم
ومضى
4
صفقوا لي
إنني كبيرِكم الذي يُعلمكم السحر
صفقوا لكم
أنكم أصابعي
التي أذبحُ بها الجميع
قالَ صاحبي..
منشغل ٌ كان قبري
لهذا منحوني
إِجازةً عاطلة
5
أبتسمَ الخوفُ على مرايا شعرها الجميل
حركتْ أنوثتَها قليلا ً
اصطدمتْ الشمسُ بفحولتي
لبسَ الهواءُ أرتباكَنا
قالَ صاحبي..
لا تخفْ
أنّ البحرَ معنا
6
ساجد ٌ بأتجاه النوافذ
تدخلُني أمرأةُ العزيز .. يتكسرُ خجلي
قالتْ زليخة..
أنا قميصُكَ ايُّها النور
قالَ نسوةٌ لايديهنّ
لاعلمَ لنا ـ سبحانكَ ـ إننا ذاهبون
لم يقلْ صاحبي شيئا
قالتْ سبعُ بقرات
إنّه المتنبي
والرحلونَ هم ُ.
7
في النوم تجدُني ناقتي
ترسمُ قبةً من ذهب .. أقول لها ..وأنا
يشتعلُ الشيبُ في عيونها
تسقطُ دمعتي .. يذوب الظلامُ
وناقتي .. ورائحةُ الموتى ..!
قالَ صاحبي
أدخلوا قلبَهُ آمنين
8
ونقدفُ بالخوفِ على أراوحنا
فاذا بنا راحلون
قالَ صاحبي
أنكم وأحلامكم
لميتون.
9
ثمهَ وطن ٌ يحرثُ عاصفةً
عاصفة ٌ تحرثُهُ
قالَ صاحبي
لغة ٌ تتهجى الحرب .
10
بمزاجها الليلي تفرشُ ألوانَ النجوم
وتحرصُ كثيرا ًعلى أنْ لا تنتمي
إنها سماءُ الحلم
أحالتْ شوارعي إلى نبيذ
وقلقي الى طفل
أحالتْ أصابعي إلى طيورٍ تُغني
قال صاحبي..
أنتَ جسد ٌ للحرب
وجسد ٌ لوردة ٍ من نخيل.
11
تنفخُ بأصواتها الأنثوية
وبكل ثقةٍ تحرقُ الآخرين
إنها المطلقُ الثابت ُ
تفرشُ أبتساماتِها على الريح
لتنتهي بكَ صوب كهوفٍ نائمةٍ
وبكل ثقةٍ تدخلُ رأسَكَ العاق
كي تحفرَ الدخان َ
والحربَ
وقائمةَ الموتى .
إنّها طيفُكَ الغريب
تنفخُ بأصواتها
وأنتَ بلا نافدة..
تُحاصرُ السماءَ بيدينِ مبتورتين
لعلكَ تفوزُ بالبحر ..
وبكل ثقة ٍ
تشتعلُ أمامَها
راسما ً
نهايةً للشعراء ..!
قال صاحبي..
إنّها وجهُكَ القادم
وشئ ٌ من الجنون. .!!
12
عارياً .. لا شانَ لهُ إلا رغيفا
يغسلُ الرمادَ الملوث َ
يسحبُ مفتاحا ً لفيضاناتٍ أموية
تحت شمعةٍ عذراء
عاريا ً كالظلام .. في بلادٍ
باركها الشيطانُ بالصيحةِ .. والرحيل
قال صاحبي..
أمنحو أحزان السنابل
شارة الحزب **
فالشهيدُ
كوكبٌ للتراب.
13
أفتحُ الليلَ حتى أعانق وحدتي
منفردا ً .. مبتلاً بالحب إلى دجلةَ
وإلى دجلةَ طبعا
أفتح ُ وحدتي لبقايا حلمٍ
يرقدُ فيهِ وطني .
تفرُ عصافيري العطشى .. وتُغني .
أفتحُ وجهَ العالم .. ينزلُ مطرٌ
يكتبُني قبلَ الشمس
قالَ صاحبي..
أصواتُنا غائبةٌ
وأنتَ تصلي.
14
على أكتاف ِ الألم
أحملُ أبراج َ الروح
وألقي بها من النافذة
لتشبعَ السماءُ بهذا النزيف ..!
قال صاحبي..
إنّهُ الغيثُ
وأكدَ على ـ الثاء ـ الثابتهَ
في أنوف القادة .
15
في القلب
ثمةَ طائرُ بوردة الروح
لَهُ لغة ٌ لا تغيب
يهاجرُ معي .. معي
أينما أُقيم.
16
الكسوفَ هنا .. الخسوفُ هنا
في الحرب يرسمنُي الرطبُ نهرا ً
ويصرخُ : إنّه ُ الحلم ُ.
قال صاحبي
تلكَ رؤيتي في آذار1990
17
حالما تنهضُ الروح ُ
أقفُ على طريقة القمر
مارا ً بالمسافات النائمة
أفرشُ وجهي على جسد الفضاء
وأسافرُ وحدي … وحدي
مثلَ نجمةٍ خانَها الجميعُ ..!!
قال صاحبي..
الجلوسُ على الصمت
إنتهاك لحرمة المطر
18
للأنوثةِ الذابلةِ على شفاه النساء
ولطفلةٍ تفرشُ القصائدَ
على طريقتها المكتظةِ بالحروب
أنزلُ من قمةِ الراس..
للمجانين الذينُ يلعنونَ الهواءَ
لتورطهم بالحياة
أرسمُ قمراً بلا جسد..
للمهاجرين الذين نسوا طفولتَهم
في الوطن
اشتري الذكريات من النخيل ..
قال صاحبي
أُ جهضتْ دجلة ُ الخير
والفرات ُ
تحت الإقامةِ الجبرية.
19
أتوغلُ في الريح
أحصدُ أرتعاشَ الضوضاء
من عتبة الالهة ..
أفرشُ ألوهيتي للعاصفة ..
وكلما أتوغلُ .. تبدأ رحلتي
قالَ صاحبي
لن يزولَ النهار
وأنتَ كاهنُ المعنى
الصاعدُ من بابل .. كنهرٍ
يترنحُ من الدم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هامش
* الحافي..إشارة إلى فحولة الرجل
* اشارة الحزب..تمنح من قبل السلطة العراقية في عهد الدكتاتور صدام حسين
لعوائل الرفاق الذين يموتون في سبيل الحزب
جالسا ً على النوم
كم تغـيرت َ
وأنت َ السنين ُ
ـ وما بيننا ـ يكتب ُ الموت ُ
أُغـنية ً
بين أزهارها
تشع ُ الطفـولة ُ
وما بيننا ـ صمت ٌمن الشفق ـ
وتسألـُني
كم تغـيرت َ..!
ـ لماذا الهبوط ُ
يعـلو على قـامتي
والغـموض ُ
يركل ُ دجلة َ
والفـرات ُطائر ٌمريض ٌ..؟
لماذا أبي
يأكل ُ رأسيَ الممزق َ
وأمي
تبحث ُ عـن وجهها
بين قـلبي …والطـريق ..؟
وتسألـُني
كم تغـيرت َ…!!
المسافـة ُ
مثـل َ الفضاء
تـزرع ُ لغـتي في الشمس ِ.
أنا أنتماء ُ النجـوم
وبعضي ليس لي ..
أركض ُ بأبجدية ِ النور
جالسا ً على النوم
أجمع ُ الأفـق َ للمجانين
ـ أصدقائي الشعـراء ـ
ومن بعـيد
أنحـني للحب ِ
وأقـول ُ :
النخيل ُ لغـتي …!
Trelleborg 2006
أخيرا ً منحني النقاد.. وسام َ النسيان
-1-
الطريق ُ الوحيـد ُ لقافـلتي
هـي أمي
حين َ رحـلت ْ
بـقيت ُ بلا وطن .
-2-
في الصباح .. ينهض ُ رأسي
يـُطالبـُني بالنـوم
لالشئ ٍ .. فقط
لأنـه ُ يعـمل ُ في الليل
وبلا توقف
يتذكـر ُ ذلك َ الإ نسان العراقي
القـتيل ..!
-3-
لأنهـم لايعرفون َ معنى الحرب
أتهمونا بالجنون
حاملين َ أسمائـَنا
على قائمة ِ الأرهـاب .
-4-
في الطريق إلى يدي
أقـف ُ كثيرا ً .. وأ ُنادي
هـل من مغـيث ..؟؟
-5-
تحت شمس العراق
كتبوا ديمقراطياتهـم
ثم سرقوا الشمس..!!
-6-
أحلم ُ بقليل ٍ
من الصمت
كي أنام ..
-7-
اللغة ُ التي أفهمـُها
لاتصلح ُ خمرة ً للشاربين
لهذا منحني النقاد ُ
وسام َ النسيان ..!
-8-
كلما أتنفس ُ بغـداد َ
أجد ُ ثوبا ً ممزقا ً
وأصواتا ً تدور ..
ثمة َ أيد ٍ تحرث ُ الجميع
وعيون ٌ تشخر ُ
من التيبس..!!
-9-
مسكين ٌ ذلك َ الجسد
تورط َ بي ..
أنا حقل ُ التجارب
لزعماء العالم ..!!
-10-
أخيرا ً
ينتحر ُ العالم ُ
أمام َ
خيانة الهواء..
الهواء ُ يرفض ُ المساومة َ
مع غاز الخردل .
بين أعـشابـِها تصلي النجوم
ليس َ لي سلم ٌ ـ كي تحط َ على
كلماتي العـيون ُ..
لتبقى السماء ُ طريقا ً
وأبقى أنا
حيثما كان قـلبي
أكون ُ..
{ أسمـُها لا يـُرى ـ تملك ُالمعـنى بصوت ِ الياسمين }
من موتـِها
تتسلق ُ فوق َ نـور ِ
النخيلْ ،وللغـياب ِ
تـُغـني بأسمائِها ـ نجمة ٌ ـ
ولا تخـتفي
مثـلَ حلم ٍ قـتيل ْ..!
—————-
عـلّمتْني العصافيرُ
أنْ أنتمي .. ولا أنتميْ
عـلّمتْني العصافير ُ
أن ّ الهـواء َ دمـيْ ؛
وأن ّ العـراق َ يتيم ٌ بذاتي
وذاتي بذاتي ـ بلى ـ
يحتمي .
{ أسمـُها لا يـُرى ـ تملك ُ المعـنى بصوت ِ الياسمين }
للغـيوم ِ
توزع ُ وجـه َ السواد ِ
ولاتنحني ..
تطعـم ُ الموت َ ما يشتهي
القبر ُـ هـذا البساط ُ دمـي ـ
هـذا المكان ُ به ِ
لبن ُ العاصفة ْ..
روحـُها تـنهل ُ النور َ
بأسرارهـا ..
وتبقـى كأيامنا
واقفـة ْ ..!
————-
المعـنى : أنـّك َ تخرج ُ
من شهوة ِ التقـاطيع
وتأخـذ ُ نورَ الأفـولْ ؛
لأن ّ المسافـة َ
بين الفـراتين ِ ـ أ ُنثى ـ
وأنت َ ربيع ُ الحقـولْ ..؛
وأنت َ… أنا
ولاصورة للدم ِ ..
ذائـب ٌ في كف ِّ ليل ٍ
يـُشاركُني مأتمي .
{ أسمـُها لا يـُرى ـ تملك ُ المعـنى بصوت ِ الياسمين }
قلقـي
شمس ُ الوقـت ِ
ـ في الداخل ِ ـ أتوهـج ُ
من أثـداء ِ الموت ِ ..!
—————
يهـبط ُ النورُ نخلة ً.. نخلة ً
في قـوافـل ِ هـذا الجسد ْ
تحمل ُ الأرض ُ موتـَها
ـ سكرانة ًـ
مثـل َ هـذا الزمانْ ؛
كان صوتا ً لوجهي
والآن َ
صوتا ً يابسا ً
للمكان ْ ..!!
————–
ليس للـريح ِ
سوى أصواتـِها
تتوارى
بين قلبي والطريق ْ
جثث ٌ
تبحث ُ عن أنفاسـِها
ـ بين الجثث ـ
عـبثا ً..قالت ْ
لنا الحرب ُ:
لكم هـذا الشهيق ْ.
{ أسمـُها لا يـُرى ـ تملك ُ المعـنى بصوت ِ الياسمين }
تحت َ أسرارها
جلست ْ نخـلة ٌ
وأنا
وواد ٍ
لنا جـرحـُها .
————-
المكان ُ رغـبة ٌ
نزعـتْ ثـوبـَها .. فجـرَها
والروح ُ حيرانة ٌ
تحمل ُ مـوتـَها .
————
بين يـديـها ، الفضاء ُ
يخط ُ على وجنتيه ِ
أسمـَها ..
وجهُها لغة ٌ للنهارْ ؛
لكنـّها ـ ذ ُبحتْ ـ في الطرقاتِ
بأيـد ٍ
أظافرُها من غبارْ..!
{ أسمـُها لا يـُرى ـ تملك ُ المعـنى بصوت ِ الياسمين }
معي تتنقل ُ
تحلم ُ مثـلي ـ تتوارى ـ
في جميع ِ الجهات ْ؛
ليلـُها نور ٌ ، به ِ
أحيا ؛ وفـيه ِ
ماء ُ دجلة َ
والفراتْ .
————
له ُ نشوة ُ الطين ِ ، هـذا الفراغ ُ
يأخـذ ُني للرحيل ِ مكانا ًـ وللرحيل ِ
كلام ْ ..
طيفـُه ُ للصباح ِ فراش ٌ ، وموجة ٌ
للظلام ْ ..!
————-
في منامي
يتوفى الضوء ُـ روحي إليه ْ ـ
ويبكي أمامي ؛ كأني أنا
جئت ُ من مقلتيه ْ
————-
عليها
قـميص ٌ من الشمس ِ
وفي مقـلتيها تـُصلي
النجوم ُ..
وحـدها للمكان ِ ـ كتاب ٌـ
يـذوب ُ فيه ِ الزمان ُ
إنها بيت ُ فجر ٍ
لقلبي ..
بين أعشابـِها
كان حبي ..
{ أسمـُها لا يـُرى ـ تملك ُ المعـنى بصوت ِ الياسمين }
أدخل ُ
في كأس ِ الحب ِـ مثل َ
نبي ٍ
يتوهـج ُفي المستحيلْ ..!
————-
مدن ٌ تسبقـُني للمكانْ
أنا فيها تراب ٌ
أنا فيها زمانْ ..
قالتْ الأرضُ : هنا أ ُغـنيتي
وتوارى ـ في حليبِ الشمس ِـ
تلك الطائرانْ ..!!
————-
جالسا ً ـ كالفجر ِـ تحتَ
ظلِّ النخيلْ ..
حزنـُه ُ شمعـة ٌ
وليل ٌ طويلْ .
{ أسمـُها لا يـُرى تملك ُ المعـنى بصوت ِ الياسمين }
على صدرها ـ للضوء ِـ ثمة َ أعـين ٌ
ترنوـ بأهـداب ِ النخيل ِـ لنلتقي
ناديتـُها ـ يايقظتي وتأمـُلي ـ
لغة ٌ أنا ـ
سُجنتْ بصحراء ِ الجليد ِـ وليسَ لي ـ
إلا ّ الطفـولة َ.. دجلة َ
وبقايا قـلب ٍ مـُتعب ٍـ في مَعـزل ِـ
————–
على صدرها يغـفو الفرات ُ
ويستحي مما جـرى ..
لكن َّ فـيه ِ دم ُ الحسين ِـ له ُ ثرى
يغـفو …ولا
يتقـرب ُ النوم ُ لعـينيه ِـ ولا
عـيناه ُ ترتحلان ِ ـ كالأمس ِ ـ
هـذا فـرات ُ الغاضرية ِ ـ نبعـُه ُ ـ 1
جسد ٌببغـداد َ
وبرق ُ ضيائـِه ِ ـ ثوب ٌ
إلى القـدس ِ .
{ أسمـُها لا يـُرى ـ تملك ُ المعـنى بصوت ِ الياسمين }
على صدرها ـ قـبر ٌـ عـليه ِ
ظل ُّ الغـراب ِ
وما توارى في يـديه ِ..
موتى تـُقاتـل ُ بعـضَها ـ والسامري ُ ـ 2
هـو الإله ُ ـ باق ٍ
يـُداعـب ُ مقـلتيه ِ..!!
————-
على صدرها
شاهـدت ُ أزمـنة ًـ تطوفُ
بفـعـلِها ـ ولها …وليسَ
لها طريـقْ …
شاهـدت ُ وجهي َ ـ مثلَ
ناقـة ِ صالح ٍ ـ والقاتلين َ
بلا شهيـق ْ..!
————-
على صدرها
كان الصباح ُـ كما يـُريد ْ..؛
حياء ُ العـذارى ـ يستريـح ُ
بضفـتيـه ِ…من الوريد ِ
إلى الوريـد ْ.
—————
أسمـُها المعـنى
بصوت ِ الياسمين .
هامش :
1 ـ الغاضرية : أسم ٌ آخر لكربلاء
2 ـ السامري : الآية84 ــ من سورة طة
حدائـق الموت
وحيدا ًدخلتُ مع الحرب ِتحت المطر..
كنت ُ في شارع ِ الروح ِ أمشي
كأني العـراق ُ.
هناك َ بلا شمعة ٍ
سقطتْ بغـداد ُ بين عـيوني
لتزرع َ أطفالـَها بين قلبي ..وقلبي ..!!
هناك …هنا ثياب ُ النخيل ِ
وباب ُ الفرات ِ غـريبا ً
وكنت ُ الغـريب َ.. وحيدا ً
دخلت ُ ..
صرخت ُ بصمت ٍ
أمام َ حـدائـق َ موتي .. أمامي
تـُصلي العصافـيرُ على زهرة ٍ
ويلتفـت ُ البـرد ُ في داخلي
ويـُصلي معي ..!!
حيثما تـقتـلـُنا الغـربة ُ
يقـتلـُنا هاجس ٌ لا يطمئن ُ
لأن ّ الزوايا بلا ذاكرة ْ ..!
لأن ّ الجهات َ
قميص ٌ يـُمزقـُه ُ الليل ُ..
لأني … أنا
ساحل ٌ للرياح ِ ..وللرياح ِ
الرصاص .
وحيدا ً
على صخرة ٍ في الطرقات ِ
على صخرة ٍ مبللة ٍ
بالنبيذ ِ المعـتق ِ بالدم ..!
دخلت ُ تـُرافـقـُني دجلة ُ وحدَها
والطائرات ُ التي رفعـت ْ رأسـَها
من ضجيج ِ السلام ْ ..!!
دخلت ُ مع الحرب ِ تحت المطر
يـُلامسـُني هـذيان ُ النعاس ِ
تـُلامسـُني بـغـداد ُ في نسمة ٍ
على رمشها … وطن ٌ
من بـعـيد .
—————
Trelleborg 2006-11
أنا الميت ُ الذي لا يموت
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إلى : محسن الرملي
وأنا أركض ُ تحت َ غيمة ٍ
تخونُ المطرَ
ثمة َ رياح ٌ تلعثمتْ
وأخرى حبلى بالنوم
ولماذا
وبين كفي ّ صرخة ٌ ومساء ..؟
الطريق بلا نافـذة
(لأن بكائي أمامي طويل 1)
لأني عبرت ُ على لغتي
في ممرات روحي ـ أنا القتيل ُ ـ
أنا الميت ُ الذي لا يموت!
والطريق ُ إليك َ ـ أيـّها الفرات ُ ـ
مقـبرة ٌ تضحك ُ ـ طبعا ً ـ
ولا ترتجف
مثل َ البنادق ِ يوم َ رأتك َ
تودع ُ أصواتـَها بالسواد
تودع ُ بغـداد َ وأمك َ
تودع ُ لحمـَك َ…والسديرة َ 2
والكلمات
ولا ترتجف!
أيـّها القادم ُ
من حيث ُ ما ألتفـت ُ
وما ألتفـتتْ نجمة ٌ
ونادى رحيلُ!
رحيل ٌ يـُغني
( سرقتني غرناطة ُ)
سرقتـْني
أنا الميت ُ الذي لا يموت !
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
هامش
1 ـ مقطع من قصيدة { من لوركا إلى آخر } للشاعر محسن الرملي
2ـ السديرة : قرية تقع شمال العراق مسقط رأس الشاعر الرملي
حسن رحيم الخرساني
العراق ـ ميسان 1963
بكالوريوس لغة عـربية..جامعة بغـداد..كلية التربيةـ 1994 م .
عضو أتحاد الأدباء العراقـيين 1987 م .
عضو أتحاد الأدباء والكتاب العـرب 1994 م .
عضو أتحاد الأدباء والكتاب السويدين 2005 م .
عضو المجلس الثقافي العراقي 2007
عضو الجمعية الدولية للمترجمين واللغويين العرب
عضو جمعية شعراء بلا حدود
عمل َ في مجال التدريس في الجماهـيرية الليبية خمس سنوات
له مشاركات كثـيرة في المهرجانات الثـقافية والأدبية التي تقام
في مختلف الدول كالعـراق..الأردن ..تونس …السويد…الخ
حصل َ على عـدة جوائز أدبية في الكلية
له المجاميع التالية :
1 ـ قـمر ليس للموت ـ دار ألواح ـ إسبانيا ـ طبعـة أولى 2002 م .
قمر ليس للموت ـ البحرين ـ طبعة ثانية 2008 م .
2 ـ سقـوط مـردوخ ـ ضفاف ـ النمسا ـ طبعـة أولى 2005 م . ـ سقـوط مـردوخ ـ منشورات تموزـ مالموـ السويد ـ طبعة ثانية 2005 م .
3 ـ صمتي جميل يحب الكلام ـ دار نعمان الثقافية ـ بيروت 2007
4 ـ تحت رغبات حقائبي ـ دار نعمان الثقافية ـ بيروت 2008
(كتابات حول مجموعة من الشعراء بالأضافة إلى نصوص أدبية)
5 ـ أنتخبَ كمشرف ٍعلى منتدى قصيدة النثر في موقع أقلام منذ عام 2005 م .
6 ـ حائز على الجائزة الأولى في القصة القصيرة في منتدى دموع لبنان عن قصته ِ { مسلة الشمس }2006 م .
7 ـ حائز على جائزة { وسام القلم المتميز } في منتدى دانة نجران عام 2006 م .
8 ـ أنتخب َ كممثل عن مهرجان العنقاء الذهبية الدولي الرحال للثقافة والفنون والإعلام في السويد لعام 2007 م .
9 ـ حائز على جائزة ناجي نعمان الأدبيَّة 2007 م ـ جائزة الأستحقاق ـ عن ديوان قمر ليس للموت .
10 ـ حصلَ على شهادة تقديرية من الجمعية الدولية للمترجمين واللغويين العرب للعام 2008 .
له مجموعـة تحت الطبع ـ أصابع الصباح ـ
له ممارسات في القصة والنقـد
مقيم في السويد منذ عام 2001 م .
Jameil63@hotmail.se
فهرست
——–
1 ـ مدخل .
2 ـ صمتي جميل يحب الكلام .
3 ـ تواطئة .
4 ـ لا أحد بأتجاة أحد …والنخلة بلا رأس .
13 ـ صمت أبيض .
15 ـ شتاء مبلل .
17 ـ سندباد .
19 ـ أنهار من نور .
21 ـ بغداد على طاولة العالم .
25 ـ ضوء بارد .
30 ـ خجل فراغي .
32 ـ تحت مجهر آخر.
38 ـ تحت عباءة امرأة جنوبية .
40 ـ نجوم وأغنيات .
42 ـ منشغل كان قبري .
54 ـ جالسا على النوم .
57 ـ أخيراً منحني النقاد ُ وسام َ النسيان .
61 ـ بين أعشابها تصلي النجوم .
69 ـ حدائق الموت .
71 ـ أنا الميت الذي لا يموت .
74 ـ سيرة ذاتية .